ثمّ أن يوسف بن تاشفين سأل عن أحوال المعتمد في لذّاته هل تختلف عمّا هي عليه في بعض الأوقات؟ فقيل له: بل كلّ زمانه هكذا، فقال: أفكلّ (?) أصحابه وأنصاره على أعدائه ومنجديه على الملك ينال حظا من ذلك؟ فقالوا: لا، فقال: فكيف ترون رضاهم عنه؟ قالوا: لا رضا لهم عنه، فأطرق يوسف [وسكت] (?). وأقام على تلك الحال عند المعتمد أيّاما.
وفي بعض تلك الأيام استأذن رجل على المعتمد، فدخل وهو ذو هيئة رثة، وكان من أهل البصائر، فلمّا دخل عليه قال [له]: أصلحك الله أيها الملك، إن من أوجب الواجبات شكر النّعمة، وإن من شكر النّعمة اهداء النّصائح، واني رجل من رعيّتك، حالي في دولتك إلى الاختلال أقرب منها إلى الاعتدال، لكنني ملتزم لك من النّصيحة ما يستوجبه الملك على رعيّته، فمن ذلك خبر (?) وقع في أذني من أصحاب ضيفك هذا يوسف بن تاشفين ما يدلّ على أنهم يرون أنفسهم وملكهم أحق بهذه النّعمة منك، وقد رأيت رأيا فان آثرت الاصغاء إليه قلته، قال المعتمد: قله، قال: رأيت أن هذا الرّجل الذي أطلعته على ملكك رجل مستأسد على الملوك، قد حطّم ببر العدوة زناتة /، وأخذ الملك من أيديهم ولم يبق على أحد منهم، ولا يؤمن أن يطمح إلى الطّماعية في ملك جزيرة الأندلس كلّها لما قد عاينه من لذّات عيشك، وانه لمتخيّل في مثل حالك سائر ملوك الأندلس، وأن له من الولد والأقارب ممّن يؤثر مسرّاتهم ويود له الحلول فيما أنت فيه من خصب الجنات، وقد أودى الأذفونش وجيشه واستأصل شأفتهم، فقد كان لك منه أقوى عضد وأوقى مجن (?) وبعد فان فات الأمر في الأذفونش فلا بدّ أن تقبل الحزم فيما هو ممكن اليوم، قال المعتمد: وما هو الحزم اليوم؟ قال: أن تجمع أمرك على قبض ضيفك هذا واعتقاله (?) في قصرك، وتجزم أنك لا تطلقه (?) حتى يأمر كلّ من هو في جزيرة الأندلس من عسكره أن يرجع من حيث جاء حتى لا يبقى منهم في الجزيرة ظفر واحد، ثم تتفق أنت وملوك الجزيرة على حراسة هذا البحر من سفينة تجري فيه بغير