إذن (?)، ثمّ بعد ذلك تستحلفه بأغلظ الأيمان أن لا يضمر في نفسه عودا إلى هذه الجزيرة الاّ باتفاق منكم ومنه، وتأخذ على ذلك رهائن، فانه يعطيك من ذلك ما تشاء، فنفسه أعزّ عليه من جميع ما تلتمس (?) [منه] فعند ذلك يقنع هذا الرجل ببلاده التي لا تصلح إلاّ له، وتكون قد استرحت منه بعد ما استرحت من الأذفونش، وتقيم في موضعك على خير حال، ويرتفع ذكرك عند ملوك الجزيرة، ويتّسع ملكك وتنسب بهذا الاتفاق لسعادة وحزم، / ثم اعمل بعد هذا ما يقتضيه حزمك في مجاورة (?) من عاملته هذه المعاملة، واعلم أنه قد تهيأ لك من هذا أمر سماوي تتفانى الأمم وتجري بحور الدّم دون حصول مثله.

فلمّا سمع المعتمد كلام الرّجل استصوبه وجعل يفكر في انتهاز الفرصة. وكان للمعتمد ندماء قد انهمكوا معه في اللّذات، فقال أحدهم لهذا الرّجل النّاصح: ما كان المعتمد على الله، وهو إمام [أهل] المكرمات ممّن يعامل بالحيف ويغدر بالضيف، فقال الرّجل: الغدر أخذ الحق من يد صاحبه لا دفع الرجل عن نفسه المحذور اذا ضاق به، فقال ذلك النّديم: لضيم مع وفاء خير من حزم مع جفاء، ثمّ أن ذلك النّاصح استدرك الأمر فتلافاه، فشكر [له] المعتمد ووصله بصلة حسنة، وانصرف. واتّصل الخبر بيوسف فأصبح غاديا، فقدم له المعتمد الهدايا السّنيّة والتحف الفاخرة فقبلها، ثم رحل فعبر من الجزيرة الخضراء إلى سبتة.

وأقام عسكره بجزيرة الأندلس ريثما يستريح ثم تتبّع آثار الأذفونش فتوغّل في بلاده، ولمّا رجع الأذفونش إلى موضعه سأل عن أصحابه وشجعانه وأبطال عسكره فوجد أكثرهم قد قتلوا، ولم يسمع إلاّ نوح الثكالى (?) عليهم، فلم يأكل ولم يشرب حتى مات همّا وغمّا، ولم يخلّف إلاّ بنتا جعل الأمر إليها، فتحصّنت بمدينة طليطلة.

وأما عسكر ابن تاشفين فانهم في غاراتهم هذه كسبوا من الغنائم / ما لا يحد ولا يحصى ولا يوصف وأنفذوا ذلك إلى برّ العدوة، واستأذن سير (?) بن أبي بكر الأمير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015