خرابها أو بقاؤها؟ فاتفقت آراؤهم على أن يبقى الملك العادل قبالة العدو، ويتوجّه السّلطان بنفسه ليخربها خوفا من أن يصل العدو إليها ويستولي عليها وهي عامرة، ويأخذ بها القدس، وتنقطع بها طريق مصر، وامتنع (?) العساكر من الدّخول، ورأوا أن حفظ القدس أولى، فتعيّن خرابها من عدّة أمور، وكان الاجتماع سابع عشر شعبان سنة سبع وثمانين وخمسمائة (?)، فسار إليها يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر فأخربها وأخرب الرملة وكذلك أخرب النطرون لما في ذلك من إصلاح الحال.
ثم ان النصارى طلبوا الصّلح فصالحهم بعد جهد جهيد، وإباء شديد من السّلطان، وكان (?) يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وخمسمائة (?) ونادى المنادي بانتظام الصّلح، وأن البلاد الاسلامية والنصرانية [واحدة في] (?) الأمن والمسالمة (?) فمن شاء من كل طائفة أن يتردد إلى بلاد غيره فعل من غير خوف عليه ولا محذور، وكان فيه صلاح للمسلمين لأنه اتفقت وفاة السّلطان مع الصّلح، فلولا انعقاد الصّلح ومات السّلطان أثناء المقاتلة لكان الناس على خطر.
ثم أعطى العساكر الواردة عليه من البلاد البعيدة برسم النجدة دستورا فساروا عنه، وتردد المسلمون إلى بلاد النّصارى وجاؤوا هم (?) إلى بلاد المسلمين، وحملت البضائع / والمتاجر إلى البلاد، وحضر منهم خلق كثير لزيارة القدس لاشتراطهم ذلك في عقد الصّلح.
وتوجّه السّلطان إلى القدس ليتفقد أحوالها، وأخوه الملك العادل إلى الكرك، وابنه الملك الظّاهر إلى حلب، وابنه الملك الأفضل إلى دمشق، وأقام السّلطان بالقدس يقطع النّاس الإقطاعات ويعطيهم دستورا، ولمّا صحّ عنده أن الانكتار - أكبر ملوك الافرنج الذي وقع الصّلح على يديه - سافر إلى بلاده، قوي عزمه على أن يدخل السّاحل جريدة يتفقد القلاع البحرية، فلمّا فرغ من تفقّد (?) أحوال القلاع واصلاح خللها دخل