وأتى عكّا (?) ودخلها بغتة لتقوى قلوب من بها، وسيّر لاستدعاء العساكر من كل ناحية [فجاءته] وكان مقدار العدو ألفي (?) فارس وثلاثين ألف راجل، ثم تكاثر الافرنج واستفحل أمرهم وأحاطوا بعكّا، ومنعوا الدّخول إليها والخروج، وذلك يوم الخميس سلخ رجب، فضاق صدر السّلطان لذلك [ثم اجتهد في فتح الطريق] (?) إليها لأجل الميرة والنجدة، ثم جرى بين الفريقين مناوشات في عدّة أيام.

ثم جاءت أمداد الافرنج من البحر فضايقوا من بها من المسلمين إلى أن غلبوا / عن حفظ البلد، ففي يوم الجمعة السّابع عشر من جمادى الآخرة من سنة سبع وثمانين وخمسمائة (?) خرج من عكّا رجل من المسلمين بالعوم، ومعه كتب من المسلمين يذكرون ما هم فيه وتيقّنهم الهلاك، وان أخذوا البلاد عنوة ضربوا أعناقهم، وأنهم صالحوا على تسليم البلد وجميع ما فيه من الآلات والعدّة والسّلاح والمراكب ومائتي ألف دينار، وخمسمائة أسير مجاهيل ومائة أسير معيّنين من جهتهم، وصليب الصّلبوت على أن يخرجوا بأنفسهم سالمين، وما معهم من الأموال والأقمشة المختصّة بهم وذراريهم ونسائهم، وضمنوا للمركيس (?) لأنه كان الواسطة في هذا الأمر أربعة آلاف دينار، فلمّا وقف السّلطان على الكتاب أنكر ذلك إنكارا عظيما وعظم عليه هذا الأمر، فجمع أهل الرّأي من أكابر الدّولة وشاورهم فيما يصنع، واضطربت الآراء (?) وعزم على أن يكتب مع العوام وينكر عليهم المصالحة على هذا الوجه، فبينما هو يتردد [لم يشعر] الا وأعلام العدوّ وصلبانه [قد ارتفعت] على السّور وذلك ظهيرة يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من السنّة.

ثم خرج الافرنج من عكّا لقصد عسقلان إلى أن وصلوا إلى أرسوف، فكان بينهم وبين المسلمين قتال شديد، ثم ساروا على تلك الهيئة تتمّة عشر منازل من مسيرهم من عكّا، فأتى السّلطان الرّملة، وأتاه من أخبره بالقوم على عزم عمارة يافا وتقويتها بالرّجال والعدد، فأحضر السّلطان أرباب / مشورته وشاورهم في أمر عسقلان وهل الصّواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015