أخيه [الملك] العادل يريد زيارة القدس ووداع أخيه لأنه كان متوجها إلى مصر، فدخل القدس ثامن (?) ذي الحجة وصلّى به العيد.
وتوجه في حادي عشر ذي الحجة إلى عسقلان لينظر في أمورها، ثم مرّ على بلاد الساحل متفقدا أحوالها ثم دخل عكّا، وأقام بها معظم المحرم من سنة خمس وثمانين (?) يصلح أحوالها، ورتب فيها الأمير بهاء الدّين قراقوش واليا بعمارة سورها.
وسار إلى دمشق، ودخلها في مستهلّ صفر من السنة، وأقام بها إلى شهر ربيع الأول من السنة.
وخرج إلى شقيف أرنون (?)، وهو موضع حصين فخيم به في مرج عيون بالقرب من الشقيف (?) في سابع عشر ربيع الأول، وأقام أيّاما يباشر قتاله كل يوم، والعساكر تتواصل إليه، فلمّا تحقق صاحب شقيف (188) أن لا طاقة له به نزل إليه بنفسه، فلم يشعر به إلاّ وهو قائم على باب خيمته، فأذن له في دخوله إليه وأكرمه واحترمه، وكان من أكبر الافرنج [وعقلائهم] وكان يعرف بالعربية وعنده اطلاع على شيء من التواريخ والأحاديث، وكان حسن التأتي لما حضر بين يدي / السّلطان وأكل معه الطّعام، ثم خلا به وذكر أنه مملوكه وتحت طاعته، وأنه يسلم إليه المكان من غير تعب، واشترط أن يعطي موضعا يسكنه بدمشق لأنه بعد ذلك لا يقدر على مساكنة الافرنج، واقطاعا بدمشق يقوم به وبأهله، وشروطا غير ذلك فأجابه إلى ذلك.
وفي أثناء شهر ربيع الأول وصله الخبر بتسليم الشوبك، وكان السّلطان قد أقام عليه جمعا يحاصرونه مدة سنة كاملة إلى أن نفذ زاد من كان به، فسلموه بالأمان.
ثم ظهر للسلطان بعد ذلك أن جميع ما قاله صاحب الشقيف كان خديعة فرسم عليه.
ثم بلغه أن الافرنج قصدوا عكّا، ونزلوا عليها يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة خمس وثمانين وفي ذلك اليوم سيّر صاحب شقيف إلى دمشق بعد الاهانة الشديدة.