يترددون إلى خدمة شاور، وهو يخرج في الأحيان إلى أسد الدّين فيجتمع به، وكان يركب على عادة وزرائهم بالطّبل والبوق والعلم، ولم يتجاسر على قبضه أحد من الجماعة إلاّ السّلطان بنفسه، وذلك أنه / لمّا سار إليهم تلقّاه راكبا وسار إلى جانبه وأخذ يحادثه، وأمر العساكر أن يقصدوا أصحابه، ففروا ونهبهم (?) العسكر وأنزل شاور في خيمة منفردة، وفي الحال ورد توقيع على يد خادم خاص من جهة المصريين يقولون: «لا بدّ من رأسه»، جريا على عادتهم في وزرائهم، فجزّ رأسه وأرسله اليهم، وأرسلوا إلى أسد الدّين خلع الوزارة فلبسها، وسار ودخل القصر وترتب وزيرا، وذلك بسابع عشر ربيع الأول سنة أربع وستين وخمسمائة (?) وراح آمرا ناهيا، والسّلطان صلاح الدّين - رحمه الله - يباشر الأمور مقررا لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة (?). فمات أسد الدّين بعلة الخوانيق، ودفن بدار الوزارة ثم نقل إلى المدينة المنورة - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - وكانت مدة وزارته شهرين وخمسة أيام، وقيل إنه سمّ في صكّ الوزارة.

فلما مات استقرت الأمور للسّلطان صلاح الدّين، وتمهّدت القواعد، ومشى الحال على أحسن الأوضاع وبذل الأموال، وملك قلوب الرّجال، وهانت عنده الدّنيا فملكها، وكان سنّي المذهب، ممارسا لأهل السّنة مجانبا للبدعة التي عليها ملوك مصر الشّيعة، وقصده النّاس من كلّ صوب فلا يخيّب قاصدا إلى سنة خمس وستين وخمسمائة (?).

فلمّا عرف السلطان / نور الدّين استقرار صلاح الدّين بمصر أخذ حمص من نوّاب أسد الدّين شيركوه في رجب سنة أربع وستين (?).

ولمّا علم الافرنج ما جرى من المسلمين وعساكرهم وما تمّ للسلطان من استقامة الأمر بالديار المصرية، علموا أنه يملك بلادهم ويقلع (?) آثارهم، لما حدث له من القوة والملك فاجتمع الافرنج والرّوم جميعا وقصدوا الدّيار المصرية، وقصدوا دمياط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015