لكونه استغاث به، والثاني كشف أحوال مصر فانه كان بلغه أنها ضعيفة من جهة الجند، فجعل شيركوه صلاح الدّين مقدم / عسكره، وخرج معهم شاور، فخرجوا من دمشق في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وخمسمائة (?)، فدخلوا مصر، واستولوا على الأمر في رجب من تلك السنة وقتلوا ضرغاما، وحصل لشاور مقصوده من عدوه لمنصبه، فلمّا تمهّدت قواعده غدر بأسد الدّين شيركوه، واستنجد بالافرنج عليه، وحصروه في بلبيس، وكان أسد الدّين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها، وأنها مملكة بغير رجال، تمشي الأمور فيها بمجرد الإيهام (?) والمحال، فطمع فيها، وعاد إلى الشّام في الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وخمسين (?)، فأقام بها مدّة مفكّرا في تدبير عوده إلى مصر، محدثا نفسه بالملك لها، مقررا قواعد ذلك مع نور الدّين، إلى سنة اثنتين وستين وخمسمائة (?)، وبلغ شاور حديثه وطمعه في البلاد، فخاف عوده إليها، وعلم أن أسد الدّين لا بدّ له من قصدها، فكاتب الافرنج وقرر معهم أنهم يجيئون إلى البلاد ويمكنهم منها تمكينا كلّيا (?) ليعينوه على استئصال أعدائه.

وبلغ نور الدّين وأسد الدّين مكاتبة شاور للافرنج وما تقرر بينهم، فخافا على الدّيار المصرية أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد (?)، فتجهز صلاح الدّين في خدمة عمّه أسد الدّين، وكان توجههم من الشّام في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمسمائة (?)، فكان وصول أسد الدّين إلى البلاد مقارنا لوصول الافرنج / إليها، واتّفق شاور والمصريّون جميعهم والافرنج على أسد الدّين، فجرت بينهم حروب كثيرة ووقائع شديدة، فانفصل الافرنج عن البلاد وانفصل أسد الدّين أيضا راجعا إلى الشّام، وسبب انفصال الافرنج عن البلاد أن نور الدّين جرّد العساكر إلى بلادهم، وأخذ المنيطرة (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015