تمنعنا منه، فلم يزل يواقفهم (?) ويراجعهم إلى أن خلص المعزّ وصاحبه الفضل بن أبي علي ودخل المهديّة، ويقال أنه قد كان أخرج بعض قطعه البحرية وسيّرها في البحر محاذية له خوفا ممّا عساه أن يعرض له في طريقه، فلمّا لحقه الأعراب ناداه أرباب القطع بالبدار إليهم ليعتصم بالبحر من أولائك الأعراب فلجّ في السّير وأبى من الدخول إليهم (وأنفت منه نفسه) (?)، إلى أن خلص، فدخل المهديّة وهو خائف من ولده تميم أن يقبض عليه، فخرج تميم للقائه، وترجّل وقبّل الأرض بين يديه، ومشى أمامه، ولم يزل في خدمته وبره إلى وفاته» (?).
«وكان (?) / أهل سوسة خالفوا على المعزّ سنة خمس وأربعين وأربعمائة (?) ومنعوه ما كانوا يحملون إليه من المال وقالوا: نحن أولى به لنذبّ عن بلدنا، وتوفّت أخت المعزّ عندهم فضمّوا أموالها، وأبوا توجيهها إليه، فبعث إليهم المعزّ في ذلك، فقالوا لرسوله: كيف ندفع له أموالا نتقوى بها نحن عن مدافعته وحربه، وبعث إليهم المعزّ من المهديّة أسطولا ضخما فأصبح بمرسى سوسة، فأحرق ما فيه من المراكب، وكانت نيّفا وستّين مركبا أكثرها لأهل سوسة، فعمد أهل سوسة إلى من كان عندهم من أهل القيروان فأخذوا أموالهم، وأهانوهم أشدّ الإهانة، فوجّه إليهم المعزّ جيشا فيه مائة فارس وأمرهم أن يتظافروا مع الأسطول على حصار سوسة ليأخذوا بمخنقها برّا وبحرا، فكان من قدر الله الغريب الاتفاق أن اجتاز على سوسة يوم خروج هذا الجيش أسطول من قبل صاحب صقليّة فتهيّبه (?) أسطول المعزّ، فانصرف راجعا إلى المهديّة ولا علم عند المعزّ بذلك، فوصل جيش المعزّ إلى سوسة فسألوا عن الأسطول فأخبروا باقلاعه، فسقط في أيديهم، فخرج أهل سوسة ومن حف بها من الأعراب فأدخلوهم إلى المهديّة وأعلوا (?) السّيف على جميعهم ونصبوا روؤسهم على السّور، قال ابن شرف: أخبرني من شاهدها أن عدتها نيّف وخمسون رأسا، وإنّما سلم من سلم من