وتوفي سنة ست وثلاثين وأربعمائة (?).
ومن النّاس من نسب إجازة العرب لغير الجرجرائي واستدلّ على ذلك بما ذكر من تاريخ موت الجرجرائي، وإنما كان جواز العرب بعد ذلك بأعوام، وقال: إن المجيز لهم أبو محمد الحسن بن علي اليازوري، وقد كانت وزارته بعد الجرجرائي، ولا يبعد أن يكون هذا هو الصحيح» (?).
فلمّا رأى (?) المعزّ اختلال الأحوال، وتغلّب الأعراب على البلاد علم أن صبرة لا تحصّنه منهم، فبنى على الانتقال إلى المهديّة، فولّى ابنه تميما عليها، وذلك في سنة خمس وأربعين وأربعمائة (?)، وجعل ينقل إليها أهله وذخائره شيئا فشيئا، وكان رجاله وخاصّته حذروه من تولية ابنه تميما، وخوّفوه أن يستبدّ بنفسه ويمتنع بالمهديّة من أبيه، فلم يسمع منهم، ووصل تميم إلى المهديّة فوجد بها عبيدا لأبيه كان قد أعدّهم هنالك لضبطها، قد قويت شوكتهم، وكثر ملأهم (?)، فوقعت بين عبيده وبينهم فتنة ومنازعة، فأطلق عليهم أيدي العامّة فقتلوا أكثرهم، وفرّ من بقي منهم إلى المعزّ بصبرة، فأتبعهم تميم طائفة من الأعراب لحقوهم قبل وصولهم إلى صبرة فقتلوهم أجمعين، وبلغ المعزّ ذلك فقوي (?) في نفسه ما كان يذكر له عن تميم من الإستبداد والاستئثار / بما حصل لديه من الذّخائر ولكنّه لم يجد بدّا من مداراته، والاغضاء له عن فعلته.
فلما كانت سنة تسع وأربعين وأربعمائة (?) توجّه إلى المهديّة في خفارة رجلين من العرب قد كان صاهرهما ببنتيه يعرف أحدهما الفضل بن أبي علي وهو مرداسي، ويعرف الآخر بفارس بن أبي الغيث توجها إليه فاستخرجاه من صبرة سرّا، وأحس باقي الأعراب بخروجه فلحقوه في أثناء الطّريق فواقفهم (?) فارس بن أبي الغيث في جماعة من قومه، وجعل يؤنّبهم على الاستخفاف بخفارته، فقالوا له: إنك قد أعظمت التّحامل علينا في خفارة مثل المعزّ، وتركنا له عظيم، والفائدة في أخذه كبيرة فلا