قلت هذا في زمانه، وأما الآن فقد رجع مذهب أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - إلى المغرب منذ دخلت العساكر العثمانية إلى المغرب، ولكن مذهب الامام مالك - رضي الله تعالى عنه - أشيع.

وقال في معالم الايمان: «لمّا قدم المعزّ بن باديس القيروان بعد موت أبيه واستفتاح ولايته، وذلك يوم الجمعة منتصف محرم عام سبعة وأربعمائة (?)، قتلت (?) العامّة الرّافضة بالقيروان أقبح قتل، وحرقوهم، وانتهبوا أموالهم وهدّموا ديارهم، وقتلوا نساءهم وصبيانهم، وجرّوهم بالأرجل، فكانت صيحة من الله سلّطها عليهم، وخرج الأمر من القيروان إلى المهديّة وسائر بلادهم، فقتلوا حيث وجدوا، وأحرقوا بالنار، فلم يترك منهم بمدائن افريقية إلاّ من اختفى ولجأت الرّافضة إلى مساجد المهدية، فقتلوا فيها، وهدّموا دار الامارة، وتعدّت العامّة ذلك إلى جماعة من أهل السّنّة ظنّا أنّهم من غيرهم، فلقد حكي أن العامة جاءت متعلّقة برجل اتّهموه برأيهم فمرّوا به على شيخ من العامّة، فسألهم عن تعلّقهم به فقالوا: نسير به إلى الشيخ أبي علي بن خلدون فننظر ما يأمرنا به، فقال لهم الشيخ العاميّ: لا، اقتلوه الآن فان كان / رافضيا أصبتم، وان كان سنّيا عجّلتم بروحه إلى الجنّة الآن، أو كما قال: فانتقم الله منهم بعامة المسلمين، وقتلوهم كل مقتل، فرعب المعزّ منهم، ورأى كسر شوكتهم، فدبّر قتل زعيم أهل السّنّة وشيخ هذه الدعوة - يعني حسن بن خلدون - فلما كان يوم الخميس ثاني عشر شوال من السنة المذكورة (?)، أتى عامل القيروان مع الشرطة وخيل ورجال إلى مسجد الشّيخ أبي علي بن خلدون البلوي بعد صلاة العصر (?)، فدخلوا المسجد على الشيخ وهو في مسجده ومعه جماعة من الناس فقتلوا أبا محمد الغرياني الفقيه، وآخر بدويا ظانين أنه أبو علي، فلمّا عرفوه مالوا على أبي علي بسكاكينهم وجرّدوا جماعة ممّن كان بالمسجد، فحمل أبو علي إلى داره وقد وقع فيه ثلاث جراحات إحداها في صدغه أخذت إلى قفاه، واثنتان في جانبه الأيسر أنفذتا مقاتله، توفي في داره بعد العشاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015