فتولّى بعده المعزّ بن باديس [وكانوا قد أخفوا موت باديس ورتبوا] (?) عمّه (?) كرامت (?) بن المنصور ظاهرا / حتى وصلوا إلى المعزّ فولّوه، وتمّ أمره بالمحمدية يوم السبت لثلاث مضين من ذي الحجة سنة ست وأربعمائة (?)، «وكان المعزّ واسطة عقد جماعته، وهو الذي قطع مذاهب الشيعة، واستأصل شأفتها وقطع آثارها بقتل من ينتسب إليها، ابن خلكان» (?).
ولمّا توجه المعزّ العبيدي إلى مصر استخلف بلكّين بن زيري - حسبما شرحناه - وكانت الخطبة في تلك النواحي جارية على عادتها لهذا البيت إلى أن قطعها المعزّ بن باديس في أيام المستنصر (?) وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة (?). وقال في تاريخ القيروان: أن ذلك في سنة خمس وثلاثين (?)، والله أعلم بالصواب» (?).
ولمّا قطع خطبته وخلع طاعته، خطب للامام القائم بأمر الله العبّاسي خليفة بغداد فكتب إليه المستنصر (42) يتهدده ويقول له: هلا اقتفيت آثار آبائك في الطاعة والولاء، في كلام طويل، فأجابه المعزّ: إنّ آبائي وأجدادي كانوا ملوك المغرب قبل أن يملكه أسلافك، ولهم عليهم من الخدم أعظم من التقديم، ولو أخروهم لتقدّموهم بأسيافهم، واستمر على قطع الخطبة له، ولم يخطب بعد ذلك بافريقية لأحد من المصريين إلى اليوم.
وكان مذهب أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - بافريقية أظهر المذاهب، فحمل المعزّ المذكور جميع أهل المغرب على / التّمسّك بمذهب مالك - رضي الله تعالى عنه -، وحسم مادّة الخلاف في المذهب، قال: واستمرّ الحال في ذلك إلى الآن» (?) اهـ.