وبعث الرجل الكتاب مع الحمام إلى القيروان، فلمّا وصل أخذه وقرأه ومضى به إلى القاضي، فقرئ على من حضر المجلس، فاتّفق أهل المجلس على أنهم يكتبون كتابا يمجّدون فيه السّلطان، فلما استوى رأيهم قام رجل من أهل المجلس وقال: يا قوم، لا تغيروا كتاب الرّجل، فالذي كتبه عرف لمن كتب، والذي يصل إليه الكتاب يعلم من كتبه، فحمل الكتاب ولم يغيّر فيه شيء حتى وصل إلى باديس، فلما قرئ عليه الكتاب قال وزيره: لم يزل أبو كسية في بغضه / ونفاقه، فقال له باديس: وبلغ من قدري وقدرك عند الشيخ محرز بن خلف حتى يكتب إلينا، إنّما هي هديّة من الله سبحانه أهداها لنا، ونكّل بالوزير وأمر بقلع أسنانه ثم دعا بعض خدّامه وقال: خذ هذا الكتاب واحمله إلى السّيدة وقل لها: هذا كتاب سيدي محرز بن خلف فاحتفظي به، ولعلّ بركته تعود علينا وعليك، فلمّا وصل الكتاب إلى السيدة طيّبته وخرزت عليه وعلّقته عليها وكانت حاملا، فقالت: لعلّ بركته تعود عليّ، فعادت بركته عليها وولدت المعزّ بن باديس بالمنصوريّة يوم الخميس لخمس مضت من جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة (?)، ثم قال باديس: سبحان الله، (والذي بعثنا إلى تونس ما وصل إليها) (?) (ثم كتب من ساعته إلى العامل بتونس وأرسل إليه أن لا ينتقم من المسلمين وناول الكتاب للذي ناوله كتاب الشيخ فأخذه وعلّقه على الحمام وبعثه به فوصل الكتاب) (?) إلى تونس قبل وصول الرسول، كل ذلك في يوم واحد، فلما قدم الرسول بعث العامل إلى أهل المدينة ليعلمهم بما أمر به السلطان، فأتوه والكتاب معهم، فلمّا نظر العامل للكتاب سقط في يده وسرح أمورهم ولم يعاقب أحدا (?)، «وتوفي باديس سلخ ذي القعدة سنة ستّ وأربعمائة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015