أهلها، فخرج النّاس في الأخبية، وكتبوا إلى المهدي يسألونه الانتقال إلى المهديّة، فأجابهم إلى ذلك، فانتقلوا إليها وتمّت عمارتها.
وابتنى لعامّة النّاس مدينة أخرى سمّاها زويلة، وبينهما غلوّة سهم، وجعل بها الأسواق والفنادق وأدار بها خنادق متّسعة تجتمع بها مياه الأمطار، فكانت كالرّبض لمدينة المهديّة، ولمّا جاء المعز (?) بن باديس جعل عليها سورا لما دخل العرب افريقية (?) سنة أربع وأربعين وأربعمائة (?)، وقد خرّبت هذه المدينة فلا أثر لها الآن، (فهي اسم بلا رسم) (?) وكان بخارجها الحمى المعروف بحمى زويلة كله جنّات وبساتين بسائر الثمار / وأنواع الفواكه فأفسدته العرب.
وأقام المهدي ساكنا بالمهديّة بقية عمره حتى مات بها (وقيل برقادة) (?) سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة (?).
فولي بعده ولده محمّد أبو القاسم ولقّب «القائم» فأخفى موت أبيه سنة (?) حتى أحكم أمره، وكان شهما ذا بطش، غزا جنوة فافتتحها عنوة (?)، فكان فتحا جليلا، وفي آخر أيامه ابتلي بأبي يزيد مخلد بن كيداد النّكّاري، كان رجلا من الإباضية يظهر الزّهد والقيام غضبا لله تعالى، ولا يركب غير حمار ولا يلبس غير الصّوف تصنّعا واظهارا للتّنسّك والصّلاح مع تمسّكه بأقبح البدع، وشاع جميع أمره من بلاد افريقية، ولمّا سمع القائم بتوجهه إلى باجة وجّه خادمه بشرى الصقلبي (?) ليبادره «بدخول (?) باجة