فتولّى بعده ابنه محمد موسى الهادي، ولد بالريّ سنة سبع وأربعين ومائة (?)، وكان حين موت أبيه بجرجان، وقد عهد إليه أبوه بالخلافة، فأخذ له البيعة أخوه هارون الرّشيد لمّا مات أبوه، ولم يل أحد الخلافة قبله في مقدار سنة (?)، وتوفي شابّا عمره أربع وعشرون سنة، منتصف ربيع الأول سنة سبعين ومائة (?).
هارون الرشيد:
فتولّى بعده أخوه هارون الرّشيد بعهد من أبيه بتاريخه (?)، وكان فصيحا بليغا أديبا، كثير العبادة والحجّ والغزو، يحجّ عاما ويغزو عاما، وقد يجمع بينهما في عام واحد، ويصلّي في خلافته كلّ يوم مائة ركعة لا يتركها إلاّ لعلّة، ويتصدّق كلّ يوم بألف درهم، ويحبّ العلم وأهله، ويعظّم حرمات الإسلام، وبلغه عن بشر المريسي (?) أنه كان يقول بخلق القرآن، فقال: لئن ظفرت به لأضربن عنقه، وكان يأتي بنفسه إلى بيت الفضيل بن عياض / - رضي الله عنه - ويعظّمه وكان يبكي على نفسه وإسرافه وذنوبه، وكان يعظّم قاضيه أبا يوسف كثيرا ويمتثل أمره.
وأراد الرّشيد أن يوصل ما بين بحر الرّوم والقلزم ليتهيأ له أن يغزو الرّوم ببلادهم، فقال له يحيى بن خالد البرمكي: لو فعلت ذلك وصلت سفن الرّوم أرض العرب واختطفوا المسلمين من المسجد الحرام فتركه.
وكان الرشيد قسّم مملكته بين أولاده الأمين والمأمون، والمؤتمن (?) دون بقية