بئر ميمون بعث إلى الخشّابين وقال لهم: إن رأيتم سفيان الثوري فاصلبوه، فجاؤوا ونصبوا له الخشب وكان جالسا بفناء الكعبة ورأسه في حجر الفضيل بن عياض، ورجلاه في حجر سفيان بن عيينة، فقيل له: يا أبا عبد الله قم واختف ولا تشمّت بنا الأعداء، فتقدّم إلى أستار الكعبة وأخذها وقال: برئت منه ان دخلها أبو جعفر المنصور، وعاد إلى مكانه فركب أبو جعفر المنصور من بئر ميمون، فلمّا كان بين الحجونين سقط عن فرسه فاندقت عنقه فمات (?) سابع ذي الحجّة (?) من التاريخ المتقدّم، فحفر له مائة قبر ودفنوه في أحدها ليعموا (?) قبره.
وتولّى بعده ولده أبو موسى محمد المهدي، فكان - لمّا شبّ - أولاه أبوه طبرستان والريّ وما يليهما، فتأدّب وتميّز وجالس العلماء (?) / وكان كريما وسيما شجاعا محبّا للعلماء، وكان يقول: أدخلوا عليّ العلماء والقضاة وأحضروهم عندي، فلو لم يكن من حضورهم إلاّ ردّ المظالم حياء منهم لكان فيه خير كثير وكان يكره الزّنادقة وقتل منهم خلقا كثيرا وأوصى ابنه الهادي (?) بقتلهم حيث وجدهم، وكان مولده في جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين ومائة (?)، ومدّة ملكه عشر سنين وشهرا (?)، وعاش ثلاث وأربعين سنة، ومات لثمان بقين من محرّم سنة تسع وستين ومائة (?).