ونعود الآن (?) إلى حديث لذريق وجيش طارق بن زياد، فلما رآى طارق لذريق قال لأصحابه: هذا طاغية القوم، فحمل وحمل أصحابه معه، فتفرّقت المقاتلة من بين يدي لذريق، فخلص إليه طارق، وضربه بالسّيف على رأسه فقتله على سريره، فلما رآى أصحابه مصرع ملكهم التحم الجيشان، فكان النّصر للمسلمين ولم تقف هزيمة اليونان على وضع بل كانوا يسلمون بلدا بلدا ومعقلا معقلا.
فلما سمع بذلك موسى بن نصير عبر الجزيرة بمن معه، ولحق بمولاه طارق، فقال له: يا طارق، إنه لا يجازيك الوليد بن عبد الملك على بلائك بأكثر من أن يبيحك الأندلس، فاستبحها هنيئا مريئا، فقال طارق: أيها الأمير، والله لا أرجع عن قصدي هذا حتى أنتهي إلى البحر المحيط وأخوض فيه بفرسي، فلم يزل طارق يفتح وموسى معه إلى أن بلغ إلى جلّيقية (?) وهي على ساحل البحر المحيط، ثم رجع.
وقال الحميدي في «جذوة المقتبس» (?): إن موسى نقم على طارق إذ غزا بغير إذنه وسجنه وهم بقتله / ثم ورد عليه كتاب الوليد باطلاقه فأطلقه، وخرج معه إلى الشّام، وكان خروج موسى من الأندلس وافدا على الوليد يخبره بما فتح الله سبحانه على يديه، وما معه من الأموال في سنة أربع وتسعين (?) للهجرة، فكانت معه مائدة سليمان بن داود - عليهما السّلام - التي وجدت في بيت الحكمة على ما حكاه بعض المؤرخين، قال: كان عليها طوق لؤلؤ وطوق ياقوت وطوق زمرّد، وهي مصنوعة من الذّهب والفضّة، وكانت عظيمة بحيث حملت على بغل فما سار إلاّ قليلا حتى تفشّخت (?) قوائمه، وكان معه تيجان الملوك الذين تقدّموا من اليونان، وكلها مكلّلة بالجواهر، واستصحب ثلاثين ألف رأس (?) من الرّقيق.
ولما وصل موسى بن نصير إلى الشام ومات الوليد بن عبد الملك وقام من بعده أخوه سليمان وحج في سنة سبع وتسعين (?) للهجرة وقيل سنة تسع وتسعين (?)، حج معه