منتصف النهار، ثم صلى وخطب بالناس فلم يذكر الوليد بن عبد الملك، فقيل له: ألا تدعو الأمير المؤمنين؟ فقال: هذا مقام لا يذكر فيه إلاّ الله عز وجلّ. فسقوا حتى رووا.

ثم خرج موسى غازيا وتتبع البربر، وقتل منهم قتلا ذريعا وسبى سبيا عظيما وسار حتى وصل إلى السوس الأدنى لا يدافعه أحد فلما رأى بقية البربر ما نزل بهم استأمنوا وبذلوا له الطاعة فقبل منهم، وولى عليهم واليا، واستعمل على طنجة وأعمالها مولاه (طارق بن عبد الله البربري، ويقال ابن زياد، قيل أنه من الصّدف) (?) فترك عنده تسعة عشرة ألف فارس من البربر بالأسلحة والعدّة الكاملة، وكانوا قد أسلموا وحسن اسلامهم، وترك موسى خلقا يسيرا من العرب لتعليم البربر القرآن وفرائض الاسلام، ورجع إلى افريقية ولم يبق في البلاد من ينازعه من البربر ولا من الرّوم.

فلما استقرّت له القواعد كتب إلى طارق وهو بطنجة يأمره بغزو بلاد الأندلس في جيش من البربر ليس فيه من العرب إلاّ قدر يسير، فامتثل طارق أمره وركب البحر من سبتة إلى الجزيرة الخضراء من بلاد / الأندلس، وصعد إلى جبل يعرف بجبل طارق نسب إليه، وكان صعوده إليه يوم الاثنين لخمس خلون من رجب سنة اثنتين وتسعين (?) من الهجرة، في اثني عشر ألف فارس خلا اثني عشر رجلا.

وذكر عن طارق أنّه كان نائما في المركب وقت التّعدية، وأنه رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم - يمشون على الماء حتى مرّوا به، فبشّره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالفتح وأمره بالرّفق بالمسلمين والوفاء بالعهد، ذكر ذلك ابن بشكوال (?) في «تاريخ الأندلس».

وكان صاحب طليطلة ومعظم بلاد الأندلس ملك يقال له لذريق، ولما حلّ طارق بالجبل المذكور كتب إلى موسى بن نصير يقول له: إني فعلت ما أمرتني به، وسهّل الله - سبحانه - في الدّخول، فلما وصل الكتاب إلى موسى؟؟؟ على تأخّره وعلم أنه إن فتح الله تعالى على طارق نسب الفتح إليه دونه، فأخذ في جمع العساكر وولّى على القيروان ولده عبد الله، وتبعه فلم يدركه إلاّ بعد الفتح، وكان لذريق المذكور قد قصد عدوّا له،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015