وجل - فجعل فرسه يبحث بيده في الأرض حتى كشف عن صفاة، فانفجر منها الماء فجعل الفرس يمص ذلك الماء فانصرف عقبة فنادى في النّاس أن احتفروا، فاحتفروا سبعين حسيا (?) فشربوا واستقوا وصار ذلك ماء معينا، فسمي ذلك الماء «ماء فرس» إلى اليوم.
قال (?): وروى أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم قال: حدثنا حبيب بن نصر، وأحمد بن أبي سليمان، وعيسى بن مسكين، قالوا: أخبرنا سحنون بن سعيد - رحمه الله تعالى - عن عبد الله بن وهب، عن اللّيث بن سعد أنّ عقبة بن نافع الفهرى لما قدم من عند يزيد بن معاوية في جيش لغزو المغرب مرّ على عبد الله بن عمرو وهو بمصر فقال عبد الله بن عمرو: يا عقبة، لعلّك من الجيش الذين يدخلون الجنة برحالهم؟ قال:
فمضى (?) عقبة بجيشه حتى قابل البربر وهم كفار، فقتلوا جميعا.
قال أبو العرب: كان هذا في غزوة عقبة الثالثة (?)، قتل هو وأصحابه وكان كسيلة نصرانيّا / وقبر عقبة ظاهر بالزّاب يتبرك به. وكان دخوله افريقية ثلاث مرات، الأولى سنة إحدى وأربعين، فأقام بها ثلاث سنين، وقيل سنة ست وأربعين، وهو الأصح، وعلى كل حال كان ذلك في دولة معاوية بن أبي سفيان.
والمرة الثانية سنة خمسين وفيها اختط القيروان ومن جملتها الجامع الأعظم ودار الإمارة وهي في قبلة الجامع المسمى اليوم بالمخزن، وترك ما أسسه (معاوية بن خديج بالقرن) (?). وغزوته هذه في مدة معاوية أيضا.
والمرة الثالثة سنة إحدى وستين وقيل سنة اثنين وستين وكانت غزوته هذه في خلافة يزيد بن معاوية، وكان - رحمه الله تعالى - حريصا على الجهاد بلغ في مغازيه إلى سوس المغرب وإلى بلاد السّودان، وفتح سائر افريقية وودّان وعامّة بلاد البربر (ولم يختلف أنه كان مجابا - رضي الله تعالى عنه -) (?).