وفي هذه الغزوة ذهب عزّ الرّوم / من الزّاب وذلّوا، فكره عقبة المقام عليهم وقد تحصّنوا فرحل عنهم يريد المغرب حتى نزل تاهرت فاستغاث الرّوم بالبربر فأجابوهم ونصروهم، فقام [عقبة] في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس إن أشرافكم وخياركم الذين رضي الله عنهم وأنزل عليهم كتابه، بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيعة الرضوان على قتال (?) من كفر بالله إلى يوم القيامة وهم [أشرافكم] (?) والسّابقون منكم إلى البيعة باعوا أنفسهم من ربّ العالمين بجنته بيعة رابحة وأنتم اليوم في دار غربة، وإنّما بايعتم رب العالمين، وقد نظر إليكم في مكانكم هذا، ولم تبلغوا هذه البلاد إلاّ طلبا لرضاه واعزازا لدينه، فأبشروا فكلما كثر العدو كان أخزى لهم وأذلّ إن شاء الله وربكم - عزّ وجل - لا يسلمكم، فالقوهم بقلوب صادقة فإن الله - عزّ وجلّ - جعلكم بأسه الذي لا يردّ عن القوم المجرمين، فقاتلوا عدوكم على بركة الله وعونه.

فالتقى المسلمون بهم فاقتتلوا قتالا شديدا فلم يكم لهم بقتال العرب من طاقة، فولوا (?) هاربين، فقاتلهم المسلمون قتالا ذريعا أبادوا فيه فرسان البربر، وتفرق جمعهم وقليل من نجا منهم.

ثم رحل حتى نزل طنجة فنزل على البحر المحيط، وهو بحر الأندلس، فقيل له:

ذلك بحر لا يرام، وعليه ملك عظيم الشأن، وما أظنك تقدر أن تجوز هذا البحر، فقال لهم: دلّوني على رجال البربر والرّوم، فقالوا له: قد / تركت خلفك الروم وقد أفنيتهم، وما أمامك إلاّ البربر وهم في عدد لا يعلمه إلاّ الله. فسألهم عن موضعهم فقالوا له: السّوس الأدنى فلقي البربر في عدد لا يعلمه إلاّ الله تعالى، فانهزموا وقتلهم قتلا ذريعا وأمعنت خيل المسلمين في البلاد، ثم رحل عنهم إلى السّوس الأقصى، فاجتمع عليه البربر في عدد لا يحصى فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر القتلى من الفريقين، ثم ضرب الله في وجوه الكفّار، فهزمهم المسلمون وقتّلوهم وغنموا أموالهم وسبوا نساءهم، (وهنّ في غاية الحسن والأدب) (?) فبلغ (?) ثمن الجارية منهن بالمشرق ألف دينار، ثم هربوا من بين يديه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015