بالليل، فدعوه تسلم لكم أقداركم وأعراضكم، وتبقى لكم الحرمة مع الناس ما بقيتم، ولا تقبلوا العلم من المغرورين المرخصين، فيجهّلوكم (?) دين الله ويفرقوا بينكم وبين الله، ولا تأخذوا دينكم (?) إلاّ من أهل الورع والحيطة فإنه أسلم لكم، ومن احتاط سلم ونجا (فيمن نجا ثم عليكم سلام الله) (?) وأراني لا تروني بعد يومكم هذا (?).
ثم سار (?) حتى انتهى إلى باغاية (?) والرّوم يهربون بين يديه (?) يمينا وشمالا، فحاصرها وقد اجتمع بها الرّوم، فقاتلهم وحاصرهم أشدّ القتال / ثم انهزم عدوهم فقتلهم قتلا ذريعا وغنم أموالهم، ثم كره أن يقيم عليهم، فرحل عنهم ونزل على تلمسان، وهي من أعظم مدائنهم، وانضم إليها من حولها، فخرجوا إليه في عدد لا يحصى ولا يعلم عددهم إلاّ الله، فقاتلهم حتى ظن المسلمون أنه الفناء، فضرب الله في وجوه الرّوم، فقاتلهم إلى باب حصنهم، وأصاب الناس منهم غنائم كثيرة، ثم كره المقام عليهم، فرحل يريد الزّاب، فسأل عن أعظم مدائنه فقيل له مدينة يقال لها آذنة، وهي (مدينة ملكهم) (?)، وكان حولها ثلاثمائة قرية، وستون قرية، كلها عامرة، فلما بلغهم قدوم المسلمين عليهم هربوا إلى حصنهم وإلى الجبال، فلما قدم عقبة نزل على واد منها على ثلاثة أميال أو أكثر قليلا، فلقوه عند الوادي في وقت المساء، - وكان وقت نزوله - فكره قتالهم بالليل، فتواقف القوم الليل كله، لا راحة لهم ولا فترة ولا نوم فسماه الناس إلى اليوم وادي سهر (?) لأنهم سهروا عليه فلما أصبح عقبة صلّى الصّبح، ثم أمر المسلمين بقتالهم فقاتلوهم قتالا ما رآه المسلمون قط حتى يئس المسلمون من أنفسهم، ثم أعطاهم الله - عز وجل - الظفر، فانهزم الرّوم وقتل فرسانهم وأهل النّكاية والبأس منهم، واستولت الهزيمة على بقيتهم.