فلمّا أردت بعد ذلك توجيه غيري لذلك الأمر الذي قصدت تعسّر الأمر حتّى ذهبت بنفسي وباشرت أوّله ثمّ أرسلت من أتمّه، فكان ذلك من الشّيخ إشارة لما وقع، وأحواله وأفعاله وأقواله كلّها إشارة.
ووقع في سنة من السّنين جدري أفنى الأطفال، فتأسّف النّاس على فقد أطفالهم فقال لهم: هذا الكرباع (?) وما زال الدّلاّع، فما (?) كان إلاّ يسيرا وجاء الطّاعون الجارف.
وأخبرني العمدة الثّقة سيدي عبد السّلام الغراب، وكان من مريدي الشّيخ ومحبّيه، أنّه سمع من الحاج محمود الشّرفي صاحب الحمام أنّه قال: غاب الشّيخ عنّي ذات يوم فقدم عليّ رجل لا أعرفه ولا رأيته قطّ فقال لي: أين الشّيخ التّاجوري؟ فقلت له: عن قريب يحضر إن شاء الله، ما شأنك؟ فقال: أخبرني عن أحواله، هل جار على جسده الحكّة؟ قلت: نعم، قال: هل جار عليه القمل؟ قلت: نعم، قال: هل جار عليه النمل؟ قلت: نعم (?)، فقال لي: إذا فرغ من هذه الثلاث دخل ديوان الصّالحين، ثمّ انصرف / فلم أره بعد، قال: وشأن النّمل معه غريب وذلك أنّه بقي يلتمّ (?) عليه من جميع جهات جسده حتّى صار جسده أسودا بالنّمل ولا بقي شيء من جسده ظاهر، فأقام على ذلك ثلاثة أيّام ثمّ ذهب عنه.
وقال أيضا: جاءني الشّيخ وأعطاني نصف ريال وقال: إحفظه عندك، قال:
فحفظته، ثمّ بعد نحو عشرة أيّام جاءني رجلان عليهما لباس أهل طرابلس فسألاني عن الشيخ فقلت لهما: عن قريب يحضر (إن شاء الله) (?) قال: فبعد ساعة دخل الشّيخ فنظر إليهما وسكت فلم يقدر منهما أحد على خطابه، ثمّ بعد ساعة قال أحدهما: يا أخي والدتنا تسلّم عليك، فأعرض عنه ولم يخاطبه، ثمّ قال: يا حاج محمود أين نصف الرّيال؟ قال (?): فأحضرته له، قال: فخذ به خبزا، قال: ففعلت [فقطعه أطرافا، قال: ففعلت] (?) ثمّ قال لهما: خذا هذا الخبز واعزما من حيث جئتما، فاشتكوا إليه