السّنّة أخرجوا هذا الشّيخ من البلاد فأركبوه في سفينة وأمروا بإخراجه لصفاقس كرها عليه، فسمع بذلك شيخنا أبو إسحاق سيدي إبراهيم بن محمّد الجمّني فأرسل من ردّه من البحر فنزل ودخل السّوق وهو ينادي: أنا لا أخرج منها، بنو جلود هم الخارجون منها، فلم تمض أيّام قليلة إلاّ وقد جاء أمر من الأمير بعزلهم فأخرجوا كرها عليهم، ولم يرجعوا إليها بعد، وانقطع أثرهم بل وعقبهم، نعوذ بالله من التّعرّض لمساخط أولياء الله /. ولمّا ظهرت بركاته للخاص والعام من المالكية والوهبية (665) إعتقده الفريقان، وبنى له بعض رؤساء الوهبية (?) قبّة، فلمّا وقع الطّاعون بجربة سنة تسع وتسعين ومائة وألف (?) إنتقل لرحمة الله ودفن بها.

وكان - رحمه الله - يقول: التي ما رأيناها حسبناها (?) ما كانت، وهذا هو معنى قول من قال: معذور من شاهد ومعذور من لم يشاهد.

وكان يقول أيضا: كلمة من غير فيك تنفعك، وهذا أيضا حقّ، فإنّ من بسط لك عند غيرك عذرا أو أثنى عليك نفعك، وإذا أثنيت على نفسك أو بسطت عذر نفسك لم ينفعك.

وكان يقول: الرّاحة في الشّهوة، والأمر كما قال، لأنّ الشّهوة ملائمة للطّبع ومن حصل له ملائم طبعه إستراح.

وكان يقول: هذه الدّار الفم (?) فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين، وفارقت الجنة بالمنقصات وسرعة الزّوال.

ترجمة الولي أبي العبّاس أحمد التّاجوري:

ومن مجاذيب الوقت ممّن رأيناه وعرفناه الشّيخ أبو العبّاس سيدي أحمد التاجوري.

كان - رحمه الله تعالى - من تاجوراء، قرية من عمل طرابلس، قدم لصفاقس، وكان متجرّدا عليه عباءة صوف، فأخبرني أبو الحسن الحاج علي الشّرفي قال: لمّا قدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015