الصّالحون إثنتي عشرة خبزة، وبسط يديه للدّعاء والفاتحة، وبسطنا أيدينا لذلك، فدعا ما تيسّر وقرأنا فاتحة الكتاب وانصرفنا، فلم ندر هذه الإثنتي عشرة ما هي، بل ولم نلتفت إليها كبير التفات، فلمّا عملنا على السّفر إستعمل الأهل خبزا للسّفر فلمّا أحضروه عدّوه من غير وعد ولا سؤال وأنا أنظر فإذا هو إثنتا (661) عشرة خبزة. فلمّا شرعنا في السّفر جعلنا نأكل كلّ يوم واحدة فما فرغت الإثنا (?) عشرة خبزة إلاّ وإسكندريّة أمامنا في إثني عشر يوما، وكان ربح المال إثني عشرة مائة، ومدّة الغيبة عن الأهل إثني (?) عشر شهرا.
ومن إشاراته أنّي تزوّجت بصفاقس، ودخلت جربة بعد ذلك فجلست بإزاء بعض الإخوان فإذا بالشّيخ وارد علينا، وسأل الأخ: أين كان هذا؟ فقال له: تزوّج بصفاقس، فقال له الشّيخ: أعطوه ناصريا وموزونتين فلم نلتفت لقوله ولم نفهم مراده، فقال ذلك الأخ: لا تلد لك هذه المرأة إلاّ ولدا ذكرا وبنتين، فو الله ما وقع إلاّ ما أشار إليه، وانتقلت لرحمة الله بالطّاعون.
ولقيته يوما في مكان خال فوقف وقال: كانت شينة وتعود إن شاء الله زينة، وكرّر ذلك فعلمت أنّ الله ساقه لي وأنّ هذه بشارة بالهداية في ساعة إجابة، فسألته الدّعاء الصّالح زيادة على ما قال، فزادني / فمن تلك السّاعة والحمد لله أقبل الله بقلبي للخير ولم نزل (?) نجد بركة ذلك الدّعاء وإنّا نتوسّل إلى الله العظيم بنور وجهه الكريم، وبنبيّه الرّحيم، وبملائكته المقرّبين، والشّهداء والصّالحين أن نقبل (?) بقلوبنا لما يحبّه ويرضاه.
وكان - رحمه الله تعالى - يطلب قوته من النّاس، وقد يسأل شيئا معيّنا فتارة يعين قليلا وتارة يعين كثيرا، وعادة النّفس أن تسمح بالقليل وتبخل بالكثير، فيقول: لا عليك، القليل بالمكسب القليل، والكثير بالكثير، فو الله ما يكون إلاّ ما يقول، فلمّا جربنا ذلك صرنا نتمنى أن يسأل الكثير لأنّ النفس تحبّ المال حبّا جمّا ولا يرغب أحد عن فضل الله. هذا بعض ما شاهدت من إشاراته ولو تتبّعنا جميعها لطال بنا الحال، وفي هذا القدر كفاية.
ومن أغرب ما وقع أنّه قدم أبناء جلود قيادا على جربة، وسعوا في قطع أعيان أهل