كالشيخ سيدي طيّب الشّرفي، ومن نسب للفضل غيره كشيخنا سيدي محمد الزواري، والشيخ القاضي أبي عبد الله محمد المصمودي، والشيخ أبي الحسن علي ذويب، والشيخ أبي زيد سيدي عبد الرّحمان بكّار، والشيخ أبي إسحاق إبراهيم الخرّاط، والشيخ أبي الحسن علي الغراب.

وكان - رحمه الله - ذا همّة وعفّة وصيانة، قد سدّ باب الطّمع من جميع الخلق في متاع الدّنيا، وارتفع عن المناصب كلّها، طلبه أهل بلده في تولّي القضاء، فأبى، فكتبوا فيه وثيقة بأنّه هو الأليق بنا، فأبطل جميع ما عملوه / فولّوا الشيخ كمّون - حسبما مرّت الإشارة إليه -.

ولمّا احتمى من القضاء ألزموه بالتّدريس في الجامع الأعظم فأسعفهم وجعلوا له مرتّبا يستعين به من المجابي المخزنية (?) فأبى أن يقبله، فلقيه شيخنا أبو عصيدة (?) وقال: ما لك امتنعت من المرتّب وهو إعانة؟ فقال: هو من المجابي المخزنية وأكثرها ظلم، وكلّ لحم نبت من حرام فالنار أولى به (?)، فباسطه وقال: خذ به فحما واحرقه تحت القدر فقال: هو إستعانة، والإستعانة لا تكون إلاّ بالله وما أذن الله فيه، فجعلوه له من الجزية فرضيه، وكذا جعل له شيء من زكاة الحبوب يقتاته هو وعياله، وكان صابرا على الشّدّة حتّى وسّع الله عليه بالكفاف، وكان مائلا للخمول جدّا ولا يصلّي إماما إلاّ في مسجد مهجور إحتسابا، فسألناه عن ذلك فقال: لإحياء بيت من بيوت الله هجره النّاس لقلّة ما يعود عليهم فيه من الدّنيا، ولا يعرف للأمراء بابا ولو للشّفاعة، لأنّ الزّمان قد فسد، وبطلت عند أهله شفاعة الشّافعين، فوقوف العالم على أبوابهم لا فائدة فيه، فلذا نبذهم ظهريا، وجعلهم نسيا منسيا، والتّحدّث بهم شيئا فريا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015