كان - رحمه الله - إماما في المعقول والمنقول، حاز من علوم الشّريعة الأصول وفروعها، والأحاديث وعلومها، والتفاسير وفنونها، وطرق القراءات والتجويد ووجوهها، والعلوم الأدبية العربية ظاهرها ومكنونها، ومن العلوم الرياضية منطقا وحسابا وهندسة ومساحة وهيئة وميقاتا كنوزها، ومن دقائق الحكمة مفتاح رموزها.
كان - رحمه الله تعالى - تعلّم في صغره القرآن العظيم على شيخ البركة سيدي عبد الله الجمّوسي، فكان يحبّه ويجله كثيرا، ويدني مجلسه منه في صغر سنّه لما تفرّس أو كوشف له من الخير فيه، ثمّ علّمه ما تيسّر تعليمه من النحو والفقه والتوحيد، ثم ارتحل للقيروان فأخذ عن شيخنا أبي محمد سيدي عبد الله السوسي (?) ما تيسّر له / من فقه وحساب وفرائض ومنطق وتوحيد وغير ذلك، ثمّ ارتحل لتونس، ثمّ ارتحل لمصر فلقي الرجال كالشيخ الحفناوي والشيخ البليدي، والشيخ الملوي (?) والشيخ العمروسي (?) شارح مختصر خليل، وشيخنا أبي العباس أحمد الدمنهوري، وشيخنا أبي الحسن علي الصّعيدي (?)، وشيخنا سيدي حسن الجبرتي (?) في آخرين من فضلاء مصر، ثمّ (?) حجّ الفرض، وقدم لصفاقس بعد مقامه بمصر خمس سنين فأتى بعلوم جمّة فبثّها ونفع الله به خلقا كثيرا.
وكان - رحمه الله - نصوحا، لا يقرئ إلاّ بتحقيق ولا يقرئ مختصر خليل إلاّ بحضور مادّة واسعة كالشّرح الكبير والصّغير للشيخ الخرشي وبالشيخ الأجهوري والشيخ العمروسي (417) والشيخ التتائي وغير ذلك من الشروح، وبحدود إبن عرفة وشرحها للشيخ الرصاع، وهكذا في جميع العلوم لا يقرئها إلاّ بحضور ما يمكن حضوره من المواد. وكان أتى من مصر بخزانة كتب واسعة استعان بها على بثّ العلوم وتحقيقها، وأخذ عنه خلائق