وكان أوّلا قد يتحمّل بعض الشهادات، فلمّا كثر طغيان (?) العامّة في بعض المنتصبين لتحمّل الشهادة أعرض عن ذلك تعفّفا وتكرّما كما فعل ذلك سيدي طيّب الشّرفي - رحمه الله -.
وكان ممّن سلم المسلمون من لسانه ويده، كثير الإنجماع في بيته، لا يخرج إلاّ لدرس يقرئه أو زيارة الصالحين والأقربين، وطالت مدّته وضعفت بنيته، وقلّ تناوله للغذاء فصار جلدا ملائما لعظم، فما خرج من الدنيا حتى ترك جميع لذّاتها وزهرتها، وتوجّه لله بقلب سليم، معرضا عن الدنيا وأهلها. (قال فيه تلميذه البارع والأسد الضارع أبي الحسن علي الغراب) - رحمه الله - حيث قال:
[الكامل]
[خذ من فنون العلم (?) كلّ عويص (?) ... فالعلم يعلي قدر كل رخيص
سيّما البيان فإنه لأجلّها ... قدرا، وأشرفها على التّخصيص (?)
إذ كان (?) إيضاحا لها وملخّصا ... مفتاح باب السعد في التّلخيص
ولمشكل التنزيل تبيانا وعن ... معناه كشّافا لدى التّنقيص
فاشحذ سهام الفكر في تحصيله ... تكسى من العليا كلّ قميص
وعليه فاحرص (?) لا تملّ فإنّه ... لم يحوه في الناس غير حريص (?)
واعكف على الكتب (?) التي منه حوت ... عزّ (?) القواعد سيما (?) التّلخيص
إذ قد حوى لشواهد (?) الفنّ التي ... عنهنّ يغيب فكر كلّ قنيص،