وكان الشيخ شرف الدين في غالب أوقاته لا يزال داهشا وبصره شاخصا لا يسمع من يكلّمه ولا يراه، فتارة يكون واقفا، وتارة يكون قاعدا، وتارة يكون مستلقيا على قفاه ومسجّى كما يسجّى الميت، وتمر عليه عشرة أيام متواصلة وأقل من ذلك وأكثر لا يأكل ولا يشرب ولا يتكلم ولا يتحرك، ثم يستفيق وينبعث من هذه الغيبة ويكون أول كلامه أنه يملي من القصيدة التائية «نظم السلوك» ما فتح الله عليه.

وكان قاضي القضاة تقي (?) الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز، لما قلد الوزارة أيام المنصور قلاوون (?)، وقع في حق شيخ الشيوخ شمس (?) الدين الأيكي، في مجلس حقل بالخانقاه الصلاحية وقال له: أنت تأمر الصوفية بالاشتغال «بنظم السلوك» قصيدة ابن الفارض، وهو يميل فيها الى الحلول (?) وأهانه بالكلام، فدعا عليه وقال له: مثّل الله بك كما مثّلت بي، فعزل عقيب ذلك من الوزارة في أواخر الدولة المنصورية بسؤاله، ثم عزل من القضاء في الدولة الأشرفية (?) وصودر ومثّل به وحبس مدة، ونسب الى سوء الاعتقاد والى أنه وقع في كلام يفسق به وشهد عليه بالزور (14 أ) في ذلك من لا خلاق له، وذلك لأجل غرض الصاحب ابن السلعوسي (?)، وكان يرسل (?) في الباطن إلى من يسعى في خلاصه من الأمراء ومشايخ الصوفية والفقراء، وكان إذا اشتد عليه الخناق يقول: اشتدى أزمة تنفرجي، فلمّا منّ الله تعالى عليه بالخلاص [من هذه النكبة] (?) حضر (?) الى عند الشيخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015