خمس (?) عشرة سنة سمعت الشيخ البقّال يناديني، يا عمر تعال الى القاهرة واحضر وفاتي، فأتيته مسرعا، فوجدته قد احتضر، فسلّمت عليه وسلم علي، وناولني دنانير ذهب وقال:

جهّزني بهذه وافعل كذا وكذا واعط (?) حملة نعشي الى القرافة كل واحد دينارا واتركني على الأرض في هذه البقعة وأشار بيده إليها، فلم تزل بين عينيّ أنظر إليها، وهي بالقرافة تحت المسجد المعروف بالفارض بالقرب من مراكع موسى بسفح المقطّم. قال: وانتظر قدوم رجل يهبط إليك من الجبل، فصلّ انت وهو عليّ، وانتظر ما يفعل الله في أمري. ومات فجهّزته كما أشار وطرحته في البقعة المباركة كما أمرني، فهبط إليّ رجل من الجبل كما يهبط الطائر السريع، لم أره يمشي على رجليه، فعرفته بشخصه، كنت أراه يصفع قفاه في الأسواق، فقال: يا عمر تقدم فصل بنا على الشيخ، فتقدمت وصليت إماما، ورأيت طيورا خضرا وبيضا صفوفا بين السماء والأرض، يصلون معنا، ورأيت طائرا منهم أخضر عظيم الخلقة قد هبط عند رجليه وابتلعه وارتفع اليهم وطاروا جميعا ولهم زجل [عظيم] (?) بالتسبيح إلى أن غابوا عنا [فسألته عن ذلك] (?) فقال: يا عمر أما تعلم أنّ أرواح الشهداء في جوف طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، هم شهداء السيوف، وأما شهداء المحبة فكلهم أجسادهم وأرواحهم في جوف طيور خضر، وهذا الرجل منهم، وأنا كنت منهم، وإنما وقعت في هفوة، فطردت عنهم، فأنا أصفع قفاي في الأسواق ندما وتأديبا على تلك الهفوة.

(13 ب) ثم ارتفع الرجل الى الجبل كالطائر الى أن غاب عنّي، قلت (?): وفي هذه البقعة المباركة دفن الشيخ حسب وصيته وضريحه بها معروف، وفي ذلك قال بعض الفضلاء (?):

[الكامل]

لم يبق صيّب (?) مزنة (?) إلا وقد ... وجبت عليه زيارة ابن الفارض

لا غرو أن يسقى ثراه وقبره ... باق ليوم العرض تحت العارض (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015