الثانية أعظم من الأولى، فقتل كتبغا مقدم جيوش التتار وأتى برأسه الى الملك المظفر قطز، وكانت الدائرة على الكفرة (?) ولله الحمد. وأسر المسلمون منهم خلق كثير.
قال القاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر (?): «بلغني ممن كان خلف السلطان الملك المظفر قطز لما رجعت عساكر التتار الثانية، أنه صرخ صرخة عظيمة سمعه معظم عسكره وقال: «وا سلاماه» ثلاث مرات، ثم قال: «يا الله انصر عبدك قطز على هؤلاء التتار ورمى (?) الخوذة من على رأسه وحمل بنفسه حملة الأسود، وأنّ الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري كان في ذلك اليوم من أعظم المجاهدين. ولما تصدق الله سبحانه وتعالى بنصرة دين الإسلام وكسر عساكر التتار ثانيا، ترجل الملك المظفر وباس الأرض شكرا لله تعالى ومرغ خديه على الأرض وصلى ركعتين ثم ركب، وأقبل الجند والأمراء بما معهم من المكاسب (?).
قال الصاحب، صفي الدين يعقوب بن محمد الهمذاني (?): هذه الحادثة الردية والبلية النازلة والمصيبة العظمى، فلو قال قائل إنه من حين خلق الله آدم (123 ب) وظهرت الخلق والى هذا الزمان وهي سنة ثمان وخمسين وستمائة، لم ينل العالم مثل هذه المصيبة لكان صادقا في قوله، فإنّ التواريخ لم تتضمن بشيء مما يقارب هذه المصيبة (?) ولا ما يدانيها، ومما يذكره المؤرخون عن إسكندر بأنه فتح البلاد في مدة عشرين (?) سنة وكان يدعو الى طاعة الله، وإذا وعد وفى وإذا قال، صدق ومن أعظم ما يذكر في التواريخ ما فعله «بخت نصر» ببني إسرائيل من القتل وتخريب البلاد وتخريب بيت المقدس بالنسبة الى ما خربوه الملاعين من المدن