الكامل، ناصر الدين محمد بن الملك المظفر، شهاب الدين غازي ابن العادل أبي بكر ابن أيوب، فحاصروها ونصبوا عليها المجانيق من كل ناحية، فقاتل أهلها وامتنعوا من تسليمها وصبّروا أنفسهم على الحصار الشديد (?) حتى أكلوا الميتة والدواب، واستولوا (?) التتار على المدينة (?) وملكوها وقتلوا وسبوا وأسر من بقي من الجند (?) وأخذ صاحبها في تسع نفر من مماليكه وأحضر بين يدي هولاكو (109 أ) فقتلوا (?) إلا مملوكا واحدا اسمه قراسنقر أبقاه هولاكو وذلك أنه سألهم عن وظائفهم، فذكر له ذلك المملوك انه «أمير شكار» (?) فسلم إليه شيئا من الطيور الجوارح. وكان الكامل صاحب ميافارقين، أديبا فاضلا وله نظم جيد فمنه قوله: [الطويل]
ترى تسمع الدنيا بما أنا طالب ... فلي عزمات دونهن الكواكب
وإن يكن الناعي بموتي معرّضا ... فأي كريم ما نعته النوائب
ومن كان ذكر الموت في كل ساعة ... قرينا له هانت عليه المصاعب
وما عجبي إلا تأسف عاقل ... على ذاهب من ماله وهو ذاهب
وفيها أراد الملك هولاكو الرحيل من بغداد، فأمر بإطلاق النار فيها جميعها فأطلقت النيران وطار الشرار، فتقدم كتبغا وضرب جوك وقال: يا ملك ان هذه مدينة عظيمة وكرسي مملكة، وإذا أبقيتها حصل لك منها مال عظيم في كل سنة ويكون نوابك مقيمين بها، فمن المصلحة أن تطفئ النار ويرفع السيف، وتعطي من بقي فيها أمانا، ورتب بها لك نوابا.
فسمع الملك هولاكو كلامه وأمر باخماد النار ورفع السيف، ونادى من كان مخبئا بالأمان (?).