وفيها تسلم نواب هولاكو إربل وقلعتها (?).
وفيها سار الملك الرحيم، بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل الى هولاكو مهادنا وللطاعة مذعنا واستصحب معه شيئا كثيرا من الهدايا النفيسة (109 ب) والأمتعة الجليلة والجواهر الثمينة ومفاتيح القلعة والمدينة، وإنما فعل ذلك شفقة على رعيته أن يحلّ بهم ما حل بأهل بغداد، فاختار أن يفديهم بنفسه ونفائسه، فشق على أهل الموصل فراقه وخافوا فقده، فجاء اليه الأعيان الأكابر وقصدوا تعويقه، فعرّفهم أن في مبادرته بالمسير إليه نفعا لهم وصيانة لحريمهم، فقالوا له: نخاف عليك منه، فقال لهم: لا تخشوا علي فإني راج أن أتمكن منه.
وسار فلما وصل الى هولاكو وقف بين يديه حاملا كفنه على كتفيه، وقدم هداياه وتحفه، فقبلها منه وأقبل عليه، وقال لمن حضر من أكابر الخانات: هذا رجل عاقل ذو سياسة، ثم خلع عليه وكتب له بتفويض مملكة الموصل على قاعدته. وقد كان أرسل اليه في مبدأ خروجه ولده الملك الصالح اسماعيل بهدايا، فاجتمع به، ثم عاد الملك الرحيم من عند هولاكو محترما معظما (?).
وفيها لما بلغ الملك الناصر صاحب الشام، أخذ بغداد، خاف خوفا كثيرا، وجهز ولده الملك العزيز بتقادم وتحف، وسير صحبته، الزين (?) الحافظي والأمير سيف الدين الجاكي، والأمير علم الدين قيصر الظاهري، وكتب كتابا الى الملك الرحيم صاحب الموصل ليقف مع ولده ويصلح أمره كيف قدر. فلما قدم على هولاكو أقبل عليه وقدم تقدمته وسأله عن سبب تأخير أبيه عن الحضور الى الأردوا، فاعتذر إليه بأنه لم يمكنه مفارقة (110 أ) البلاد خوفا عليها من عدو الاسلام الذين بالساحل فأظهر له أنه قبل عذره، وأن الملك الناصر أوصى ولده أن يسأل الملك هولاكو في نجدة من عساكره ليفتح بهم مصر، فأمر هولاكو أن يتوجه إليه [بعسكر فيه قدر] (?) عشرين ألف فارس، فشاعت هذه الأخبار وطارت في الأقاليم وأنّ البحرية الذين كانوا عند الملك الناصر بلغهم مجيء التتار نجدة له، فارقوا خدمته وتوجهوا الى خدمة المغيث [عمر] (?) صاحب الكرك [وحرّضوه على أخذ مصر] (?).