طائرا، ففي تلك الساعة بعث إليه هولاكو وأحضره وكان له وهو قائم بين يديه يكلمه من أربع حجاب (?) على لسان الترجمان: ما هذا الطائر الذي أتاك؟ فقال: طائر سقط على الخيمة ثم طار، قال فما الذي قال لك وما الذي قلت له؟ فقال الخليفة: وهل يتكلم الطائر فقال له: لا بد أن تقر بالصحيح، ومن أين أتاك، وماذا قال لك، وما الذي قلت له؟ وجرى في ذلك كلام كثير ومحاورات كثيرة من جملتها، أنكم أهل سحر وهذا الطائر جاءك رسولا من بعض أعوانك، ثم جرى مع ولد الخليفة كلام كثير ما يشابه ذلك، فأمر بهما هولاكو، فأخرجا الى ظاهر العسكر، فوضعا في غرارتين وشدو عليهما، ولم يزالا يرفسان بالأرجل حتى ماتا (?) رحمهما الله تعالى. وسبوا كل من حواه قصره من نسائه وبناته (?)، واستولى العدو على ذخائر الخلافة وخزائنها وأموالها وجواهرها، ونهبت مدينة بغداد وما حوته من الأموال ما يتجاوز الإحصاء ويتعدى الاستقصاء. (108 أ) فكانت هذه الواقعة من أمرّ الوقائع فلله الأمر من قبل ومن بعد. قيل أن عدة من قتل ببغداد ما ينيف على ألفي ألف وثلاثمائة ألف وثلاثين ألف نفس (?). وكانت خلافة المستعصم بالله ست عشرة سنة وشهورا.
وأنقضت الخلافة ببغداد وزالت أيامهم من تلك البلاد.
[الكامل]
خلت المنابر والأسرّة منهم ... فعليهم حتى الممات سلام
وأصبحت بغداد أطلالا داثرة كما قيل: [الطويل]
كأن لم تكن قصد السراج (?) ولم يكن ... بصحرتها الفيحاء حفل ومجمع