حتى أن واحدا منهم قصد شخصا من ذوي الهيئات في صورة ناصح وقال له: إنّ عندك في دارك امرأة تفتح الباب نصف الليل وتدخل رجلا أجنبيا فعظم ذلك على الرجل وأنكره، فقال قف في دهليزك فإذا دق الباب خفية فافتح وقد اتضح لك ذلك. فترصد الرجل وأظهر أنّ ضيفا يريد أن يجيء اليه وبات في دهليز داره هو وغلام له، فلما طرق الباب قام وفتح الباب فهجم عليه جماعة من العيارين وكتفوه هو وغلامه وأخذوا جميع ما كان عنده وفعلوا مثل ذلك في أماكن متعددة وأكثر ما فعلوا ذلك في دور الأتراك والأمراء.
وفيها (86 أ) مات أمين الدولة (?) أبو الحسن المتطبب السامري، وزير الملك الصالح وقد تقدم وظهر من الأموال والتحف والجواهر ما لا يوجد في خزائن الخلفاء والملوك، حتى قيل إنّ قيمة ما ظهر له ما قيمته ثلاثة آلاف ألف دينار غير الودائع التي كانت عند أصدقائه. ووجد له عشرة آلاف مجلد من الكتب النفيسة والخطوط المنسوبة (?).
وفيها مات أبو محمد الإمام رشيد الدين عبد الظاهر (?) ابن نشوان ابن عبد الظاهر بن نجدة الجذامي المصري المقرئ الضرير من ذرية روح بن زنباع. قرأ القراءات على أبي الجود وغيره وسمع وتصدر للإقراء مدة، وتخرج به جماعة. وكان مقرئ الديار المصرية في زمانه.
روى عنه الدمياطي والحفّاظ وهو والد القاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر. قال الشيخ صلاح الدين الصفدي (?): نقلت من خط ولده محيي الدين يرثيه بقوله: [الطويل]
فما ابن كثير الدّمع إن مات نافع ... ولا نافع حزن عليك يحتّم
خزانة علم قبره فلذا غدا ... بها كل يوم بالتلاوة يختم
وفيها مات شيخ مصر وخطيبها العلاّمة بهاء الدين علي ابن هبة الله ابن الجميزي (?) وله