(42 ب) وفيها مات أبو الفتح نصر الله بن أبي الكرم، محمد بن محمد بن عبد الكريم ابن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير (?) الجزري، الملقب ضياء الدين، كان مولده بجزيرة ابني عمر في العشرين من شعبان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ونشأ بها وانتقل مع والده الى الموصل، واشتغل بها، وحصّل العلوم وحفظ كتاب الله العزيز وكثيرا من الأحاديث النبوية، وطرفا صالحا من النحو واللغة وعلم البيان وشيئا كثيرا من الأشعار. ولما كملت لضياء الدين المذكور الآداب، قصد جناب الملك الناصر صلاح الدين تغمده الله برحمته، وكان يومئذ شابا فاستوزره ولده الملك الأفضل نور الدين علي وحسنت حاله عنده. ولما مات السلطان صلاح الدين واستقل ولده الأفضل بمملكه دمشق، استقل (?) ضياء الدين المذكور بالوزارة وردت أمور الناس إليه، وصار الاعتماد في جميع الأحوال عليه. ولما أخذت (?) دمشق من الملك الأفضل وانتقل إلى صرخد، كان ضياء الدين المذكور قد أساء العشرة على أهلها وهموا بقتله، فأخرجه الحاجب محاسن [بن عجم] (?) مستخفيا في صندوق. ولما قصد الملك العادل الديار المصرية وأخذها (?) من ابن أخيه، وتعوض الملك الأفضل البلاد الشرقية وخرج من مصر، لم يخرج ضياء الدين في خدمته لأنه خاف على نفسه من جماعة كانوا يقصدونه، فخرج منها مستترا وله في كيفية خروجه رسالة طويلة، شرح فيها حاله، وهي موجودة في ديوان رسائله، وغاب عن مخدومه (43 أ) الملك الأفضل مدة، ثم أتاه ثم فارقه وأتصل بخدمه أخيه الظاهر صاحب حلب، فلم يطل مقامه عنده، فخرج وعاد الى الموصل فلم يستقم حاله، فورد إربل، فلم يستقم حاله، فسافر الى سنجار ثم عاد الى الموصل واتخذها دار إقامته. ولضياء الدين من التصانيف الدّالة على غزارة فضله كتابه الذي سماه «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» في مجلدين جمع ولم يترك شيئا بفن الكتابة إلا وذكره. وله كتاب «الوشي المرقوم في حل المنظوم» وهو مع الوجازة في غاية الإفادة، وله كتاب «المعاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015