ولاشك أن احتمال أن يكون الخبرُ مخالفاً للواقع خطأً (بغير عمد) سيزداد قوّةً كُلَّما ابتعد الخبر عن أصله وناقله الأول؛ ((لأنّه ما من راوٍ من رجال الإسناد إلا والخطأ جائزٌ عليه، فكلما كثرت الوسائط وطال السند كَثُرت مظانُّ التجويز، وكلّما قَلّتْ قَلّتْ)) (?) . وكذلك حال الإخبار بخلاف الواقع عمداً (كذباً) ، سيزداد احتمال وقوعه بزيادة عدد الناقلين، الذين يُحتمل في كل واحدٍ منهم (قبل العلم بعدالته) أن يكون كذّاباً. كما أنّ العدالة في الرواة والناس عموماً لم تزل في نقصانٍ ببُعْدِ الناس عن زمن النبوّة، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قومٌ تسبق شهادةُ أحدهم يمينَه ويمينُه شهادتَه)) (?) ، وفي حديث آخر قال في الرابع: ((ثم يفشو الكذب)) (?) .
وهذه الزيادة في احتمالاتِ حُصُولِ الإخبار بخلاف الواقع (عمداً أو خطأً) بسبب امتداد الزمن، لم تكن زيادةً في عدد تلك الاحتمالات فقط، بل هي زيادةٌ في العدد وفي صُوَر تلك الاحتمالات أيضاً.