فقد قرّرنا آنفاً أن عدم شمول التدوين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن استمرارَ الرواية الشفهيّة المعتمدةِ على حفظ الصدور هو الذي طَرَّق إلى الأخبار احتمالَ أن تكون مخالفةً للواقع، خطأً أو عمداً، وأن هذا الإخبار بخلاف الواقع قد وقع فعلاً، فلم يكن مجرّدَ احتمال. وقرّرنا أيضاً أن الميزان النقدي نشأ مع الرواية في وقت واحد؛ لأن غرضَ الراوي هو الاستفادة من الخبر، ولن تتحقق الإفادة من خبرٍ مخالفٍ للواقع، وما دام يتطرّق إلى الخبر هذا الاحتمال فلابُدّ من وَضْع معايير لتمييز الخبر الموافق للواقع والخبر المخالف للواقع، وهذا هو الميزان النقدي.