؛ لأن ذلك لا فائدة فيه، ما دامت مصطلحاته القديمة قد قامت بخدمة ذلك العلم، وقد دُوّنت أصول العلم وأمهات كتبه عليها. بل ذلك التغيير سيؤدّي إلى تعسُّرِ ذلك العلم بتعدُّد معاني ألفاظه، وربّما أدّى إلى فَهْمِ كلام السابقين وَفْق اصطلاح اللاحقين (كما وقع بالفعل) ، بل ربما أدّى ذلك إلى محاكمة السابقين وتخطيئهم وفق ذلك الاصطلاح الحادث (وهذا قد وقع أيضاً) ، ثم يؤدّي ذلك إلى تقرير قواعد العلم بناءً على ذلك الفهم الخطأ لكلام الأئمة النقاد. وإذا افترضنا أن شيئاً من هذه المحاذير لم يقع، سوى أنّ أحدهم اقترح معاني جديدةً لمصطلحات قديمة، مبيّناً صراحةً أنّها اصطلاحاتٌ خاصّةٌ به، لا علاقةَ لها بغيره؛ فإنني أعود لأسأل: إذا أبحنا لأحدٍ فِعْلَ ذلك، فبأي حق أمنع غيره منه؟! وإذا لم أمنع غيره، فتعدّدت معاني المصطلحات الخاصّة في ذلك العلم بتعدُّد الكاتبين فيه، فلك أن تتصوّر التعسُّر بل التعذُّرَ في تعلُّم ذلك العلم الذي سيحدث جرّاءَ تلك المعاني المختلفةِ المتباينةِ في علمٍ واحد.
أعود لأقول: إن العلم المكتمل القواعد والأصول، المقرَّرَ بألفاظٍ وتعابير اصطلاحيّة: لا يحق لأحدٍ أن يحاول تأصيلَ غير ما اكتمل من قواعده، ولا أن يُقَرِّرَهُ بغير اصطلاحاته التي تقرَّرَ عليها من قَبْل؛ لأنّ في فعل شيءٍ من هاذين الأمرين إضاعةً لذلك العلم وتدميراً له!!!
إذن فالعلم الذي اكتملت قواعده وأصوله من قبل، ينبغي أن يكون سبيل تعلُّمِه بالرجوع إلى ما سُبقنا إليه من تقرير تلك القواعد والأصول؛ لأن في الخروج عنها خروجاً عن الكمال، والخروج عن الكمال نقص.