ولمّا كانت الغاية الكبرى من علوم السنة هي الحفاظ عليها كاملة صافيةً من الشوائب، ولمّا كان التلقّي الشفهي عن محفوظات الصدور لم يكن ليكفي للاطمئنان إلى صحّة المنقول (?) ، لأسباب منها أن الحفظ خوّان وأن النسيان من جبلّة الإنسان كان لابُدّ من أن يرافق ذلك التلقّي الشفهي ميزانٌ نقدي، يتميّزُ به الصواب من الخطأ والصدق من الكذب، إذ الخطأ والكذب هما آفتا الأخبار، فلا يُردّ الخبر إلا لواحدٍ منهما؛ لأنه قد جمع بينهما أنهما السببان الوحيدان للإخبار بخلاف الواقع، وإن كان الخطأ إخباراً بخلاف الواقع بغير عمد، والكذب إخباراً به لكن بعمد (?) .