مشكل علم مصطلح الحديث
في العصر الحديث
د. أبشر عوض محمد إدريس
أستاذ الحديث المساعد في كلية أصول الدين
عميد كلية التنمية البشرية
جامعة أم درمان الإسلامية
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على رسوله الأمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد
فإني قد كنت عقدت العزم على كتابة مباحث في علم مصطلح الحديث وذلك بمناسبة انقضاء مائة عام على تأليف الإمام جمال الدين القاسمي لكتابه القيم: قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، إذ ورد في خاتمته قوله (بحمد الله تم مقابلة على أصلي، وكتبه مؤلفه جمال الدين في 19 ذي الحجة 1324هـ) .
وها نحن في العام 1424هـ من هجرة المصطفى.. فما عزمنا على كتابته من عند أنفسنا بحول الله وقوته - عضدته ندوة (علوم الحديث - واقع وآفاق) في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي، نسأل الله بدءً وختماً ... أن ينفع بها وبالقائمين على أمرها، إنه ولي التوفيق ... وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
لا شك عند كل دارس وباحث في أصول الرواية، ونقل الأخبار أن علماء الأمة الإسلامية وعلى وجه التحديد علماء الحديث الشريف قد أرسوا دعائم وقعّدوا قواعد في منهجية نقل ونقد الأخبار بما لم تسبقهم إليه أمة من الأمم، ونقلوا سنة الرسول (في كبير أمرها وصغيره، في شتى مناحي الحياة الإنسانية حتى إن بعض من كتب في المباحث التاريخية نصَّ على أن كل الديانات المعروفة للبشر أخضعت لمقاييس التاريخ ونقل الأخبار، فلم يجدوها - بسبب نقل الأتباع لأنبائها وأحداثها - حازت على شروط الرواية المرضية إلا الإسلام ولذا قالوا: لقد ظهر الإسلام في ضوء التاريخ الكامل. بل ذهب عالم نصراني متخصص في التاريخ - وهو أسد رستم - إلى أن ألف كتاباً في أصول الرواية التاريخية إعتمد فيه على قواعد مصطلح الحديث، واعترف بأنها أصح طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات.