كان هذان المصطلحان قبل استقرار المصطلحات الحديثيّة في العصور المتأخّرة متداخلين لدرجة أن أطلق أحدهما على الثاني. فهذا ابن الصلاح رحمه الله بعد أن يورد مثالا على التابع يقول:» ويجوز أن يسمّى ذلك بالشاهد أيضا « (?) ويبدو أنّ الحاكم النيسابوريّ قد سبقه إلى هذا الخلط بينهما، فقد سمّى رحمه الله في المدخل إلى الصحيح» المتابعات شواهد «وسار النوويّ على خطاهما فقال في التقريب:» وتسمّى المتابعة شاهدا « (?) ، كما أنّ أبا حفص سراج الدين البلقينيّ [ت805هـ] في محاسن الاصطلاح يعلّق على قول ابن الصلاح:» قد يدخل في باب المتابعة والاستشهاد «، بقوله:» فائدة: لا يقال عطف الاستشهاد على المتابعة يقتضي تغايرهما «. فهو مثل سابقيه يرى أنّهما شيء واحد. وعلى نفس المنوال سار شيخ الإسلام ابن حجر العسقلانيّ فقال فيما يرويه عنه السيوطيّ في التدريب:» وقد يسمّى الشاهد متابعة أيضا «.
وهذا أمر كما نرى قد يستقيم إذا نظرنا للمسألة من الناحية اللغوية، فالشاهد والتابع كلّ منهما بمعنى الموافق، أمّا إذا اعتمدنا التعريف الاصطلاحيّ ونظرنا إلى وظيفة كلّ من الشاهد والتابع فإنّ خلط القدامى بين التابع والشاهد يصبح مربكا وغير مستقيم مع المنهج العلميّ.
وقد حاول الإمام السيوطيّ التمييز بين المصطلحين إلا أنّه أوقعنا في خلط آخر لا يقلّ جسامة عن سابقه، فهو يقول:» فقد حصل اختصاص المتابعة بما كان باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحابيّ أم لا، والشاهد أعمّ، وقيل هو مخصوص بما كان بالمعنى كذلك « (?) .