وللخروج من هذه الإطلاقات وهذه الفضفضة والاختلافات، لا بدّ لنا من صياغة تعريف جامع مانع للحسن بقسميه مع استعراض أمثلة واضحة بيّنة لهما تطمئنّ لها نفوس الدارسين، لاسيّما الطلاب المبتدئين، وقد رأيت لأستاذنا الشيخ مصطفى أمين التازي ـ طيّب الله ثراه ـ تعريفا دقيقا محرّرا للصحيح بقسميه وللحسن بقسميه مع بيان الفروق بين هذه الأقسام، إلا أنّ عدم إيراده لأمثلة موضّحة كافية جعل العمليّة لا ترقى إلى درجة ما نصبو إليه من الكمال (?) .
المسند: من المصطلحات الحديثيّة التي تعدّدت تعريفاته واختلفت حول تحديد ماهيته الآراء:» المسند «:
ـ فهذا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري المشهور بابن البيّع [ت405هـ] يرى أنّ المسند هو الحديث المتّصل السند إلى رسول الله ـ أي أنّه يحصر المسند في المتّصل المرفوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
ـ ويذهب أبوبكر أحمد الخطيب البغدادي [ت463هـ] إلى أنّ المسند عند أهل الحديث هو ما اتّصل إسناده من راويه إلى منتهاه. وبذلك يدخل في التعريف المرفوع والموقوف والمقطوع، إلا أنّه يشير إلى أنّ أكثر ما يستخدم مصطلح المسند في المتّصل المرفوع إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ـ أمّا أبوعمر يوسف ابن عبد البرّ [ت463هـ] فيذهب إلى أنّ المسند هو ما رفع إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم سواء كان السند متّصلا أو منقطعا. إلا أنّه حكى عن قوم أنّ المسند لا يقع إلا على ما اتصل مرفوعا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
فحسب ما تبنّاه هؤلاء العلماء الثلاثة وحسب ما حكوه عن غيرهم يكون للمسند الدلالات التالية:
1 ـ المتّصل المرفوع. 2 ـ المنقطع المرفوع. 3 ـ المتّصل الموقوف