وإنّ ما سنسلّط عليه الضوء في هذه الورقة المتواضعة هو القسم الأوّل أي التعريفات والمصطلحات وما حشد لها من أمثلة فنلامس ما في بعضها من فضفضة أو قصور أو إطلاق ممّا جعلها لا تنضبط مع الشرط الذهبيّ الذي وضعه الأصوليّون لسلامة الحدّ وصحّته وهو» أن يكون جامعا مانعا «، كما نقف على بعض الأمثلة غير المتطابقة مع النظرية، أو ما تعاني منه بعض أنواع علوم الحديث من شحّ التمثيل وعسر تطبيق المثال على الحدّ أو القاعدة. أمّا القسم الثاني وهو أصول نقد الروايات وتمحيص النصوص وقواعد جرح الرجال وتعديلهم فهذا قد بلغ من الدّقّة والفاعلية شأوا يتعذّر معه على الناقد المنصف الموضوعيّ أن يعثر فيه على ثغرة يتسلّل منها للنقد أو الغضّ من جدواه وأهمّيّته.
وقبل خوض غمار الموضوع لا بدّ لنا من تجلية صلة التعريف أو الحدّ بالاصطلاح؟. فقد عرّف العلماء الحدّ بقولهم:» هو اللفظ الجامع المانع «أي» هو ما يتميّز به المحدود ويشتمل على جميعه، فيمنع دخول ما ليس منه إليه كما يمنع خروج أيّ شيء منه عنه «.وإذا كانت غاية الحدّ عند مناطقة اليونان وفلاسفتهم هي الوصول إلى معرفة ماهية الشيء المعرّف، حتى أنّ» أرسطو «أو أرسطاطاليس أحد أشهر فلاسفة اليونان في القرن الرابع قبل الميلاد اعتبر الحدّ هو قمّة العلم، والتوصّل إلى الماهية بالحدّ هو غاية الفكر، فإنّ الأصوليين وسائر النظّار من جميع الطوائف الأشعريّة والمعتزلة وغيرهم.. ـ كما يقول ابن تيمية ـ يرون أنّ الحدّ يفيد التمييز بين المحدود وغيره.
أمّا المصطلح: فهو العبارة اللغويّة التي حمّلها فريق من العلماء في فنّ معيّن من فنون العلم دلالة خاصّة، فهي وعاء يوضع فيه مضمون من المضامين.. وأداة تحمل رسالة المعنى ـ على حدّ تعبير د. محمد عمارة حفظه الله.