وقال العلامة محمد أنور شاه الكشميري في كتابه فيض الباري: ((لِيُعلَم أن تحسين المتأخرين، وتصحيحَهم، لا يوازي تحسينَ المتقدمين فإنهم كانوا أعرفَ بحال الرواة لقرب عهدهم بهم، فكانوا يحكمون ما يحكمون به، بعد تثبت تام، ومعرفة جزئية. أما المتأخرون فليس عندهم من أمرهم غيرُ الأثر بعد العين، فلا يحكمون إلا بعد مطالعة أحوالهم في الأوراق، وأنت تعلم أنه كم مِن فرقٍ بين المجرِّب والحكيم، وما يغني السواد الذي في البياض عند المتأخرين، عما عند المتقدمين من العلم على أحوالهم كالعيان، فإنهم أدركوا الرواة بأنفسهم، فاستغنوا عن التساؤل، والأخذ عن أفواه الناس، فهؤلاء أعرف الناس، فبهم العِبرة، وحينئذ إن وجدتَ النوويَّ مثلا يتكلم في حديث، والترمذيَّ يحسِّنُه، فعليك بما ذهب إليه الترمذي، ولم يُحسن الحافظ في عدم قبول تحسين الترمذي، فإن مبناه على القواعد لا غير، وحكم الترمذي يبنى على الذوق والوُجدان الصحيح، وإنَّ هذا هو العلم، وإنما الضوابط عصا الأعمى)) (?) .