وتميزت هذه المرحلة بخصائص: منها أن طال الإسناد أكثر ممّا كان عليه، وما يتبع ذلك من زيادة تشعُّب الأسانيد واختلاف الرواة، مع ما يصحب ذلك من تعسُّر الحفظ. كما أنه قد زادت أيضاً بعض خصائص المرحلة السابقة وضوحاً: كانتشار السنّة في الآفاق، وظهور البدع وغُلُوّ أصحابها فيها. كما أنّ هذه المرحلة قد ورثت جهوداً مباركة من الجيل السابق في جمع السنّة حفظاً وتدويناً، كما سبق، ممّا كان له أكبر الأثر في إعانة علماء هذه المرحلة على إتمام المسيرة.

وقد واجه العلماء أخطار هذه المرحلة بنفس الأمور التي واجه بها علماء المرحلة السابقةَ أخطارهم، وزادوا عليها أموراً:

- ففي مجال تدوين السنة: صار الحرص على التدوين كاملاً (?) ، إلى درجة أن يهمّ شعبة بن الحجاج بأن يترك حديثَ أحد جِلّة التابعين ثقةً وإتقاناً، لأجل أنه لم يكن يكتب (?) . وحتى قال يحيى بن سعيد القطان: ((لئن أكون كتبتُ كل ما أسمع أحب إليّ من أن يكون لي مثل مالي)) (?) . وحتى إن ترجيح رواية من يرجع إلى كتاب عند التحديث على من لا يرجع عند تحديثه إلى كتاب أصبح أمراً ظاهراً، حتى في الترجيح بين كبار النقّاد، كما قال القطان عن الثوري وشعبة:» سفيان أقل خطأً، لأنه يرجع إلى كتاب)) (?) . ووصل الأمر ببعضهم إلى أنه لم يعد يأخذ الحديث إلا إملاءً، وانتشرت (?) لذلك مجالس الإملاء (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015