د. عبد العزيز صغير دخان
جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لا يسعني في هذه العجالة من الوقت أن أفيَ الموضوع حقّه، ولكن عزائي أن أنال شرف المشاركة في استجلاء بعض جوانبه واستيضاح بعض مراتبه، مقدّما شكري الجزيل لمن كان سبباً في إقامة هذه الندوة العلمية المباركة، التي أرجو ـ كما يرجو الجميع ـ أن ترسي قواعد من العلم راسخة وتبني قلاعا من المعرفة شامخة وأن تكون فاتحة خير وسنّة حسنة يكتب الله لصاحبها أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
لا يخفى على كلّ ذي لبّ وبصر وكلّ ملاحِظ ذي نظر أنّ الساحة العلمية اليوم تعيش حركةً كبيرةً في مجال التأليف والنشر، حيث نشهد يومياً ظهورَ الكتب المؤلّفة في شتى العلوم والفنون، ونشطت كثيرٌ من مراكز البحث في تحقيق المخطوطات، وخدمةِ تراث هذه الأمّة في جميع جوانبه، وتوفّرت لطالب العلم جميعُ مصادر البحث ومراجعه بسرعة كبيرة وبمشقّة أقلّ، وأحيانا بدون مشقّة أصلا، وهو الأمرُ الذي لم يكن علماؤنا السابقون يحلمون بجزء قليل منه.
ولكنّ هذا كلَّه لم يمنع ـ للأسف الشديد ـ من ظهور كثير من الأمراض والأعراض في طبيعة الإنتاج العلمي الحالي وفي طريقة التعامل مع نصوص الكتاب والسنة وتراث السلف الصالح.
وقد كان لعلوم الحديث من هذا الأمر النصيبُ الأوفر والقدرُ الأكبر. فبقدر ما نرى من الجهود المبذولة في خدمة السنة وعلومها، نرى فوضى فكريةً في كيفية التعامل معها، وقصوراً واضحاً في فهم بعض جوانبها، وخلطاً في المناهج التي يجب أن تفهم من خلالها وفي إطارها.