وأما النقطة الثالثة - وهي استخدام الأمثلة الواقعية لشرح مواضيع علوم الحديث ومصطلحاتها - فأنقل هنا من كتاب (علوم الحديث في ضوء تطبيقات المحدثين النقاد) نموذجا لذلك، وهو ((الحديث الصحيح)) .
قبل شرح هذا الموضوع يكون من الأفضل أن يتأمل القارئ في أسلوبه الشخصي في معالجة الخبر الذي يسمعه، سواء أكان ذلك عبر وسائل الإعلام، أم عن طريق فردي، وذلك ليتضح ما يلي:
* معنى الصحيح عموما.
* طريقته في معرفة صحة الخبر الذي يعالجه، أو خطئه.
* حاجة ذلك إلى خلفية علمية، أو تخصص علمي في موضوع ذلك الخبر، أو في ملابساته.
وأما الشخص الجاهل فلا يكون من عادته إلا تقليد من ينقل إليه الخبر، وبالتالي يكون بعيدا عن معرفة صوابه وخطئه، واعتداله في ذلك.
كما لا ينسى القارئ أن يطرح أسئلة على نفسه:
* هل يصدق أحدنا الأخبار كلها دائما؟
* هل يكذبها دائما؟
* ألا يُكذب حينا، ويُصدق حينا آخر، أو لا يعلم هذا ولا ذاك حينا ثالثا؟
* وما معيار ذلك إذن؟
* ألا يكون معيار ذلك هو: اعتماده على مدى:
أ - موافقة الخبر للواقع الذي يعرفه أو يعرف ملابساته.
ب - أو مخالفته له.
ج - أو التفرد بما له أصل، أو بما ليس له أصل.
د - أو اعتماد الحالة العامة لذلك الرجل الناقل، إذا لم يتبين له شيء من ملابسات ذلك الخبر؟
* ألا تعتقد جازما أن الذي يكون بمقدوره معرفة صحة الخبر وخطئه هو من لديه خلفية علمية حول موضوع الخبر أو ملابساته؟ أما غيره فليس له ناقة في ذلك ولا جمل؟.
* ألا يمكن أن نقتنع بعد هذا التأمل بأن التصحيح لم يكن تابعا لأحوال الناقلين فقط؟.
وفي ضوء ذلك نشرح معنى قولهم (حديث صحيح) فنقول:
إذا تبين للناقد أنه تم نقل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، من غير خطأ ولا وهم، فإنه يعبر عنه غالبا بأنه (صحيح) ، وقد يعبر عنه بأنه (حسن) ، بينما يستعمل الإمام الترمذي في ذلك لفظة (حسن صحيح) .