وقوله: ((هذا مرسل، لم يسمعه يحيى - أي ابن أبي كثير- عن أنس، إنما سمعه عن رجل من أهل البصرة، يقال له: عمرو بن زينب، ويقال: ابن زينب عن أنس)) (?) .
3- اطلاق الإرسال على الحديث المنقطع:
إنَّ النوع الثاني ((مرسل أتباع التابعين)) هو من المنقطع، ولكننا أفردنا هذا النوع الثالث بالذكر، وإن كان في حقيقته كالثاني لتنصيص البيهقي على استعمال لفظ الإرسال في المنقطع.
وقد وقع هذا للإمام البيهقي، كما وقع للمتأخرين عموماً. فإنهم عَرَّفوا المرسل بأنه: ((كل ما لا يتصل، سواء أكان يُعْزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى غيره)) (?) .
وقال النووي: ((والصحيح الذي ذهب إليه الفقهاء، الخطيب، وابن عبد البر، وغيرهما من المحدثين: أنَّ المنقطع ما لم يتصل إسناده على أيَّ وجه كان انقطاعه)) (?) .
وبهذا يزول الاستغراب الذي يرتسم في ذهن الباحث وهو يرى صنيع البيهقي في استعمال اصطلاح (المرسل) في موضع (المنقطع) ، و (المنقطع) في موضع (المرسل) مِمَّا يجعل القارئ - غير المحيط بهذه الدقيقة - يلاحظ أنَّ هناك اضطراباً كبيرا لدى البيهقي في كتابه ((السنن الكبرى)) (?) .
ومثال ذلك، قوله: ((وفيه إرسال بينه - أي ابن جريج -وبين عبد الكريم)) (?) .
- وقوله: ((هذا مرسل ابن أبي زكريا لم يسمع من أبي الدرداء)) (?) .
- ومن ذلك قوله: ((وهذا مرسل، شعيب بن يسار لم يدرك عمر)) (?) ثم ساق الدليل على ذلك.
-وقوله أيضاً: ((إلاّ أنه مرسل، ربيعة لم يدرك أبا سعيد - أي الخُدْري-)) (?)
- وقوله: ((إسحاق بن يحيى لم يدرك عُبَادة بن الصَّامت، فهو مرسل)) (?) .