إني إذ أتفق مع الطلبة في كثير مما أوردوه إلا أن لي رأياً في هذه القضية ليس مخالفاً لهم بل مكمل، ويمثل عدة اقتراحات:
أولاً: ينبغي لأستاذ المقرر أن يبين للطلبة -مراراً وتكراراً-أن القواعد والضوابط التي وضعها علماء الحديث لقبول الحديث أو ردِّه يمكن الإفادة منها في الواقع العملي، ويمكن أن تتخذ منهجاً لقبول أو رد أي خبر يقرأ أو يسمع من وسيلة إعلامية، وأن من يتقن هذا العلم تصبح لديه ملكة في تمحيص الأخبار، فلا تنطلي عليه الشائعات ولا الأكاذيب ولا المبالغات، ويستطيع أن يميز قيمة الخبر الذي اتفقت عليه وسائل الإعلام من الخبر المختلف فيه، ونوعية هذا الاختلاف، ومن الخبر الذي انفردت به إحداها.
أمثلة:
وصل إلينا خبر دخول القوات الأمريكية إلى أفغانستان بطريق التواتر، فقد نقله جمع من الإعلاميين تحيل العادة اتفاقهم على الكذب، لأنهم يعملون لدى وكالات أنباء أو وسائل إعلامية متعددة، مختلفة المشارب، ومتضاربة المصالح، وهذا الخبر اعتمد على الحس وهو المشاهدة، لا على الاستنباط والاجتهاد، فلا يرفض قبول هذا الخبر أحد.
وفي بعض الأحيان تنفرد وسيلة إعلامية بنشر خبر دون غيرها، فإذا كان السامع يثق في هذه الوسيلة ولم يجرب عليها الكذب، ويعتقد صدق مراسلها وثقته وأمانته فإنه سيتقبل هذا الخبر. فيكون مثالاً للحديث الغريب الصحيح.
وإذا كان السامع لا يثق بهذه الوسيلة واعتاد منها كثرة الخطأ، أو لا يثق بمراسلها فلن يصدق هذا الخبر. ويكون هذا مثالاً للغريب الضعيف، وقس على ذلك.
ونستفيد من باب الاتصال والانقطاع فيما إذا نقل المراسل خبراً شاهده أو سمعه بنفسه، أو عبر مصدر آخر، فإذا أغفل مصدره فالإسناد منقطع ويزعزع ثقة المتلقي بالوسيلة، وإذا ذكر مصدره فالإسناد متصل، وتتوقف صحته على مصداقية المصدر.