9) » ولم أجد لأسامة حديثا منكرا جدا لا إسنادا، ولا متنا « (?) .
هذا ما وقفت عليه في بعض التراجم نصا، وأكثر أحكام ابن عدي تدور حول هذا المعنى، أو قريبا منه. وهي دالة بفحوى الخطاب، أو لحنه أنه سبر حديث هؤلاء الرواة، وميز ما توبعوا عليه مما لم يتابعوا عليه، والله أعلم.
منهج ابن عدي في سبر الحديث:
لم يختلف منهج ابن عدي في سبر حديث الراوي عن غيره من المحدثين، وقد جاء على النحو التالي:
أـ معارضة مرويات الشيخ بعضها ببعض:
وصورة هذا المسلك أن يكتب الناقد الحديث عن راويه سماعا، ثم يعود إليه بعد برهة لسؤاله عن الحديث نفسه، فإن وجده لم يغادر حرفا واحدا علم أنه متقن ثبت، وإن وجده قد خلط بين الروايات، أووهم على أي صورة كان الوهم، حكم عليه بما يليق من حاله.
روى ابن عدي بسنده إلى شعبة قال:» ما رويت عن رجل حديثا واحدا إلا أتيته أكثر من مرة. والذي رويت عنه عشرة أحاديث أتيته أكثر من عشر مرار. والذي رويت عنه خمسين حديثا أتيته أكثر من خمسين مرة. والذي رويت عنه مئة حديث أتيته أكثر من مئة مرة، إلا حيان البارقي فإني سمعت منه هذه الأحاديث ثم عدت إليه فوجدته قد مات « (?) . وقال يعقوب بن شيبة:» إن شعبة كان إذا لم يسمع الحديث مرتين لم يعتد به « (?) .
هذا إنما يكون في حال كون الراوي حيا، أما إذا كان بينهما دهر فالحال يختلف حينئذ عن السماع، حيث تعارض رواية الراوي برواياته الأخرى في الحديث نفسه، ثم تعتبر، فيظهر مدى الضبط حينئذ من قوة، أوخفة، أو ضعف واضطراب.