الصدر، لهيفَ القلب، كاسِف الوجه، ناكِس البصر، تتناجى الهمومُ في صدره، وتقضُّ مضجعَه، وتُؤرِّق جفنَه.
وهيَ وأكثرُ منها إذا حدثَتْ لمن هُو أقوى احتمالاً، لم يُلقَ لها بالاً، ولم تُحَرِّك منه نَفْساً، ونامَ ملءَ جُفُونه رَضِيَّ البال فارغ الصدر).
وذكر من الفوارق أن تاريخ الغرب الحربي متسلسل متتابع ـ في زمانه وقبله ـ، ومن مزايا الحروب أنها تصهر الأمم، وتُرخص الحياة، وتُهوِّن الموت، وإذا رخصت الحياة وهان الموت؛ رأيت المرءَ لا يعبأ بالكوارث إلا بقدر محدود؛ وإذا كان لا يهاب الموت فأولى ألا يهاب ما عداه؛ لأنَّ كل شيء غير الموت أهون من الموت؛ فكل أسرة أوربية لها رجال فُقِدوا في الحرب؛ أو أصيبوا في الحرب أو ابتُلوا بنوع من كوارث الحرب؛ فعلَّمتهم أن يتقبلوا هذه الرزايا بقوة احتمال، ونشأ عن هذا أنهم لا يُنغِّصون حياتَهم بذكرى الرزايا؛ فالأولى ألَّا يُنغصوها بتوافه الأمور.
وقال: (أما أُمَمُ الشرق فقد مرَّ عليهم دهرٌ طويل لم يكونوا فيه أمماً حربية؛ بل كانوا مستسلمين وادعين، يتولى غيرهم الدفاع عنهم، وإن حاربوا فحرب الضرورة، وحرب الأفراد لا حرب الشعوب، فاستفظعوا الموت، وغَلوا في الحرص على الحياة، ولم يصابوا بكوارث